جوزيف أندروز JOSEPH ANDREWS – هينري فيلدنغ Henry Fielding

بسم الله الرحمن الرحيم
جوزيف أندروز JOSEPH ANDREWS – هينري فيلدنغ Henry Fielding
ترجمة د.عمار شرقية
□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□
بالرغم من شهرة هنري فيلدينغ Henry Fielding كروائي فإن فيلدينغ كان في الأساس كاتباً مسرحياً من كتاب القرن الثامن عشر , وقد وصلت براعته في الكتابة المسرحية إلى درجة أن فولتير Voltaire قد قارنه بالمسرحي الفرنسي الكبير ” موليير” Moliere , أما جورج برنارد شو George Bernard Shaw فقد كان يرى بأن هنري فيلدينغ كان أكثر المسرحيين الإنكليز أهميةً بعد شكسبير .

ومن أشهر أعماله المسرحية:
The Author’s Farce 1730 مهزلة الكاتب و اغتصاب على اغتصاب Rape Upon Rape(1730) مأساة المآسي The Tragedy of Tragedies أو ما تدعى كذلك بحياة و موت توم ثامب الكبير The Life and Death of Tom Thumb the Great(1731) رواية غنائية من ويلز The Welsh Opera (1731)
The Modern Husband(1732) الزوج المعاصر
مأساة حديقة كوفينت The Covent Garden Tragedy(1732)
البخيل The Miser (1733)
دون كي شوت في إنكلترا Don Quixote in England(1734)

باسكوين Pasquin(1736)
السجل التاريخي للعام 1736 The Historical Register for the Year1736(1737)

وصلت حكومة حزب (ويغ) Whig في إنكلترا مابين العامين 1721 و 1742
و قد كانت خلال تلك الفترة برئاسة ” سير روبرت ولبول” Sir Robert Walpole
الذي كان ينظر إليه على أنه شخصٌ فاسد بل إنه كان بالنسبة إلى كثيرٍ من الكتاب يرمز إلى الفساد في إنكلترا , ولذلك فقد قام ” جوناثان سويفت” Jonathan Swift(1667-1745) بالسخرية منه في رواية ” رحلات غوليفار” Gulliver’s Travels(1726) , كما سخر منه ” جون غي” John Gay في ” أوبرا المتسول ” The Beggar’s Opera (1728) ,و كان كذلك عرضةًً لهجوم ” سامويل جونسون ” Samuel Johnson في قصيدة ” لندن” London (1738).
لقد شن فيلدينغ Fielding هجمةً شعواء على كلٍ من رئيس الوزراء “ويلبول ”
و الملك جورج الثاني King George II و الملكة وقد تسبب ذلك في صدور ما دعي بمرسوم الترخيص المسرحي the Theatrical Licensing Act (1737)
وهو القانون الذي تسبب في إغلاق مسارح إنكلترا بما فيها مسرح هنري فيلدينغ الصغير حيث أن هذا القانون لم يصرح إلا لمسرحين فقط بالعمل في البلاد , ولذلك فقد كان على فيلدينغ أن يبحث عن وسيلةً جديدة يكسب فيها قوته بعد أن أغلقت المسارح و بذلك فقد أصبح فيلدينغ كاتباً روائياً .
وفي تلك الأثناء نشر ” سامويل ريتشاردسون ” Samuel Richardson روايته الشهيرة “باميلا” Pamela أو ما تدعى كذلك بثواب الفضيلة Virtue Rewarded في العام 1740 , و تتحدث هذه الرواية عن خادمةٍ تحافظ على عفتها بالرغم من ملاحقة سيدها الثري الدائمة لها دون أن ينال شيئاً منها مما يدفعه في النهاية إلى الزواج منها .
إن نجاح هذه الرواية دفعت بالكثير من الكتاب إلى اقتباس الأعمال الأدبية من هذه الرواية و كان من بين هؤلاء الكتاب ” هنري فيلدينغ ” الذي استوحى رواية
جوزيف أندروز Joseph Andrews(1742) من تلك الرواية , ولكن علي أن أشير كذلك إلى أن هنري فيلدينغ عند كتابته لهذه الرواية قد اتبع اسلوب سيرفانتس Cervantes الذي استخدمه في كتابة ” دون كي شوت ” .
وعلي أن أشير كذلك إلى أنه في تاريخ الأدب الإنكليزي هنالك ثلاث رواياتٍ شهيرة فقط سبقت رواية ” جوزيف أندروز” وهذه الروايات هي ” روبنسون كروزو”
Robinson Crusoe(1719) و ” مول فلاندر” Moll Flander(1722) التين كتبهما ” دانيال ديفو” Daniel Defoe , و رواية باميلا Pamela(1740)
التي كتبها بالطبع ريتشاردسون Richardson .
لقد استخدم فيلدينغ في رواية جوزيف أندروز مزيجاً من الهزل و الجد وذلك لإظهار تناقضات الحياة المضحة المبكية , كما أنه استخدم تقنية ” البطولة المثيرة للسخرية” mock-heroic وذلك للسخرية من أساليب الكتابة التي تعتمد على تأليه أبطال الروايات و إظهارهم على أنهم فوق مستوى البشر .

و بعد قيام فيلدينغ بكتابة رواية جوزيف أندروز قام بكتابة رواية ” حياة السيد جوناثان ويلد الكبير” The Life of Mr Jonathan Wild the Great(1743)
وهي الرواية التي سخر فيها من رئيس الوزراء البريطاني ” سير روبرت ولبول ” Sir Robert Walpole الذي تقدم ذكره.

جوزيف أندروز Joseph Andrews هو شقيق ” باميلا” Pamela بطلة رواية “ريتشاردسون” Richardson وهو خادم ” الليدي بوبي” Lady Booby السيدة الثرية التي كانت تلاحقه و تتحرش به بينما كان يتهرب منها ليحافظ على عفته و طهره و لذلك فإن الليدي بوبي تطرده من العمل وهكذا فإنه يغادر لندن إلى الريف ليلتقي بخطيبته فاني Fanny وفي طريق سفره يلتقي بالكاهن
(بارسون آدامز) Parson Adams .

□ كلمة “بارسون” Parson ليست اسم شخص و إنما تعني ” كاهن ” أو قس بروتستانتي a Protestant pastor.

و يطلع جوزيف أندروز صديقه الكاهن بارسون آدامز على رغبته في الزواج من فاني و هنا فإن بارسون آدامز يصر على أن يكون الزواج شرعياً وفق قوانين الكنيسة , أي أن يتم الإعلان ثلاث مرات عن نيتهما في الزواج قبل إجراء طقوس الزفاف.
وهنا فإن الليدي بوبي و بدافعٍ من غيرتها الشديدة تحاول استخدام نفوذها و سلطتها حتى تمنع زواج جوزيف أندروز من فاني.
وفي تلك الأثناء يعجب ابن عم الليدي بوبي الثري بعفة خادمته باميلا (شقيقة جوزيف أندروز) فيتزوجها بعد أن فشل في النيل منها دون زواج شرعي.
و لكن باميلا التي كانت خادمةً منذ أمدٍ قريب تعترض على زواج شقيقها جوزيف أندروز من فاني لأسباب طبقية على اعتبار أن فاني خادمةٌ مجهولة النسب و في تلك الأثناء يصل السيد و السيدة أندروز Mr & Mrs Andrews حيث يكتشفان بأن فاني Fany هي ابنتهما التي قام الغجر gypsies باختطافها عندما كانت طفلةً رضيعا و تركوا مكانها صبياً هو جوزيف أندروز الذي يتضح لاحقاً بأنه ابن السيد ويلسون Mr Wilson الرجل الثري .
وفي نهاية الرواية يتزوج جوزيف أندروز من فاني و يعيشان حياةً سعيدة.

في المقدمة يصف فيلدينغ رواية جوزيف أندروز بأنها (قصيدة ملحمية هزلية نثرية) a comic epic poem in prose وفي الحقيقة فقد كان هنري فيلدينغ يبحث عن تصنيفٍ فني أدبي لعمله هذا حيث أن الرواية كانت في بداياتها الأولى فقد كان الجمهور معتاداً على الأعمال الشعرية و المسرحية و لكنه كان غير معتاد على قراءة الرواية الإنكليزية لأنها لم تكن موجودة من قبل ( هنالك نحو ثلاث روايات شهيرة فقط سبقت رواية جوزيف أندروز منها رواية روبنسون كروزو و باميلا ).
وهنا فإن فيلدينغ يدعي بأنه اقتبس فكرة هذا العمل النثري الخيالي prose fiction
مما دعاه بالملاحم الساخرة اليونانية Greek satirical epic , ونحن نرى في المقدمة بأن هنري فيلدينغ يحاول شرعنة عمله الأدبي من خلال إلصاقه بالملاحم البطولية ووصفه بأنه ملحمةً ساخرة comic epicوذلك لعلمه بأن الملحمة epic كانت تعتبر بأنها أعلى شكل من أشكال الأعمال الأدبي و بالتالي فإن أي شكلٍ أدبي ينحدر منها فإنه سيكتسب المشروعية الأدبية .
إن المقدمة مع الأجزاء الثلاثة الأولى من هذه الرواية تعرض نظرية هنري فيلدينغ
بخصوص العمل الروائي novel .

لقد درجت العادة قبل رواية جوزيف أندروز بأن يمهد الكاتب لعمله الأدبي بمقدمة ينشئ الكاتب من خلالها علاقةً من نوعٍ ما بينه و بين القارئ وهذا ما نراه في رواية دون كيشوت لسيرفانتس Cervantes’s Don Quixote و رواية كولونيل جاك لدانييل ديفو Daniel Defoe’s Colonel Jack(1722) وسواها .
وفي مقدمة جوزيف أندروز يشرح هنري فيلدينغ طبيعة هذا الجنس الجديد من أجناس الأدب ( أي الرواية) فهو يميز الرواية (الواقعية) عن العمل الرومانسي romance (الخيالي) المفعم بالفرسان النبلاء و السحر و قصص العشق الخيالية .
إن هنري فيلدينغ يطلق على عمله الأدبي هذا تسمية ” الملحمة الهزلية” comic epic أو تسمية ” عمل رومانسي هزلي نثري ” comic romance in prose
حيث أنه خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر كان يتم الخلط بين الأعمال الشعرية الرومانسية romance in verse الطويلة و بين الشعر الملحمي epic poetry .
فالتشابه بين ما كتبه فيلدينغ و بين الملحمة يتمثل كما يرى في أن عمله هذا هو عملٌ شامل يحوي على الكثير من الأحداث و الشخصيات و لكنه يختلف عن الملحمة الجادة serious epic أو العمل الرومانسي الملحمي epic romance في أنه يتحدث عن أشخاص بسطاء من عامة الناس , بينما تتعامل الأعمال الملحمية مع الملوك و النبلاء , فقد كان من السائد في الأعمال الملحمية epic و الأعمال الرومانسية romance أن تذكر السلالة التي ينحدر منها أبطال تلك الأعمال و شخصياتها الرئيسية و التأكيد على أن أبطال هذه الملاحم و المحاربون فيها ينحدرون من نسل الآلهة و الملوك مما كان يضفي شيئاً من العظمة على تلك الأعمال و بالمثل فإننا نجد بأن هنري فيلدينغ في الفصل الثاني من الجزء الأول يتبع هذا التقليد و لكن بطريقةٍ ساخرة حيث نجد بأن جوزيف أندروز ينسب دائماً إلى شقيقته باميلا الشهيرة ‘brother to the illustrious Pamela’ حيث يدعى بأنه شقيق باميلا الشهيرة كما يخبرنا بأن الجد الشهير الوحيد لجوزيف أندروز كان لاعب هراوة ممتاز ‘was an excellent cudgel-player’ , و لكن حتى و إن كان جوزيف أندروز لا يمتلك عائلةً ذات تاريخ عريق فإنه ” من المؤكد بشكل تام بأن لديه عدداً من الأسلاف مماثلٌ لما يمتلكه أفضل شخصٍ حي ”
‘ it is sufficiently certain,that he had as many ancestors, as the best man living’.

لقد كان أسلوب ” البطولة المثيرة للسخرية” the mock-heroic من الأساليب الأدبية المفضلة في أواخر القرن السابع عشر و بدايات القرن الثامن عشر حيث ظهرت الكثير من الأعمال التي تسخر من الكتابات البطولية مثل قصيدة ماك فليكنو للشاعر جون درايدن John Dryden’s MacFlecknoe و قصيدة اغتصاب خصلة شعر للشاعر ألكسندار بوب Alexander Pope’s The Rape of the Lock .

إن مؤلفي الأعمال البطولية المثيرة للسخرية The mock-heroic يفترضون بأن قارئهم مطلعٌ على الأعمال الأدبية الكلاسيكية التي يسخرون منها و بشكلٍ خاص الأعمال الملحمية اليونانية و الرومانية بالإضافة إلى الملحمة الرومانسية the epic-romance التي كانت سائدة في عصر النهضة the Renaissance و قصيدة الفردوس المفقود للشاعر ميلتون Milton’s Paradise Lost .
و نجد بأن هنري فيلدينغ Henry Fielding يقول في مقدمته بأن روايته الرومانسية الهزلية هذه comic romance قد تتضمن شيئاً من المحاكاة الساخرة burlesque , حيث أن هنري فيلدينغ يميز بين الأعمال التي تتضمن لمساتٍ من البطولة المثيرة للسخرية و بين الأعمال التي تشكل البطولة المثيرة للسخرية أساساً لها و بالتالي فإن روايته هذه هي رواية هزلية و لكنها ليست من الأعمال التي تقوم بشكلٍ رئيسي على البطولة المثيرة للسخرية و التي تقوم على وصف الأحداث الاعتيادية المضحكة بأسلوبٍ ملحمي كأن يوصف العراك بين مجموعةٍ من الناس في سوق أو خان كما توصف المعارك الملحمية مثلاً .
وعلى كلٍ فقد كان هنري فيلدينغ يرمي إلى تسلية القارئ باستخدام الهزل بينما نجد بأن الأعمال التي تقوم على البطولة المثيرة للسخرية تهدف إلى النيل من الأعمال الأدبية التي تقوم بمحاكاتها بشكلٍ ساخر.
وكما نعلم فقد كان الكتاب في القرن الثامن عشر يصوغون أعمالهم التي تصور واقعهم الحال بشكلٍ ملحمي و هدفهم من ذلك إما تفخيم موضوع أعمالهم أو السخرية منه , و قد يقومون بذلك ببساطة لأن ذلك كان الأسلوب المتبع في ذلك العصر .
وفي روايتنا هذه نجد بأن رحلة أبراهام آدامز و جوزيف قد تكون شبيهةً بالرحلات الكبرى التي نجدها في ملحمتي الإلياذة Iliad و الأوديسة Odyssey للشاعر اليوناني هومر Homer أو قصيدة إينيد The Aeneid للشاعر الروماني فيرجيل Virgil
وهي القصيدة التي تصور رحلة إينياس Aeneas من مدينة طروادة Troy – التي تقع في شمال غرب تركيا كما يعتقد – إلى روما .
و يمكن القول بأن تعلق السيدة بوبي Lady Booby غير المثمر بجوزيف كان مشابهاً بتعلق الحورية كاليبسو Calypso بأوديسيوس Odysseus حيث قامت
باحتجازه لمدة سبعة سنوات في جزيرة أوجيبيا Ogypia, أما زيارة أبراهام آدامز لرجل الدين و مربي الخنازير pig-keeper بارسون تروليبار Ttrulliber
في الفصل الرابع عشر من الجزء الثاني فإنها تشبه زيارة أوديسيوس Odysseus
لمربي الخنازير swineherd في الأوديسة the Odyssey , ولو أن امتهان رجل الدين لحرفة أو قيامه بتربية الحيوانات هو أمر جيدٌ من حيث المبدأ حيث أن ذلك سيمكن رجل الدين من أن يكون مثالاً و قدوة في التعامل الشريف للآخرين كما أن ذلك سيغنيه عن المتاجرة بدينه لينال رضا الأثرياء و المتنفذين , وهذا ما نراه في محاولات ليدي بوبي الثرية للتأثير على قرار بارسون آدامز و موقفه الديني و الأخلاقي وما من شك في أن هذه الضغوط لو أنها مورست على رجل دينٍ آخر ممن يفصلون الدين عن حياتهم العملية مثل برناباز أو تروليبار لأعطت ثمارها .
لقد صور هنري فيلدينغ لنا في هذه الرواية أوضاع رجال الدين في بدايات القرن الثامن عشر و انتشار الميثودية Methodism التي ترى بأن الإيمان بيسوع المخلص هو أهم من العمل الصالح و التي تعني كذلك فصل المبادئ و المثاليات و الفضائل الدينية عن الحياة العملية مع خطورة ما يحمله ذلك من مخاطر كانتشار ظاهرة آمن بيسوع المخلص و افعل ما بدى لك بين رجال الدين الكاثوليك .
كما تعلمون فقد قام البيوريتانيين الأصوليون (البروتستانت) بالإطاحة بالملك تشارلز الأول و أعلنوا بريطانيا جمهورية كما أعلنوا الكتاب المقدس دستوراً لهم و عينوا كرومويل حاكماً للدولة و قاموا بإغلاق المسارح كما قاموا بملاحقة الجرائم الأخلاقية و عاقبوا كل من ينشر الفساد في المجتمع بكل شدة , ولم يسلم من عقابهم النبلاء و الأثرياء البريطانيين الذين بدأوا بالهروب إلى فرنسا وخصوصاً أن البيوريتانيين بدأوا بتطبيق مبادئ الكتاب المقدس في إحلال العدالة الاجتماعية .
وبعد استعادة الملك تشارلز الثاني Charles II للحكم في العام 1660 بدأ عصر
اضطهاد رجال الدين البروتستانت و ازدرائهم كما تم التضييق عليهم مالياً و منعوا من نيل قدرٍ من الثقافة كالقدر الذي كان يتمتع به أسلافهم وذلك خشية أن يظهر منهم من يكرر ما قام به البيوريتانيين من قبل , فقد أصبح رجل الدين يعتمد في معيشته على الأثرياء و المتنفذين و أصبح تحت رحمتهم بشكلٍ فعلي بعد أن كانت الكنيسة البريطانية تمتلك إقطاعياتٍ شاسعة تؤمن لها التمويل و تجعل قرارها مستقلاً حتى أن ميزانية الكنيسة البريطانية كانت أكبر من ميزانية الملك .
لقد أصبح كثير من الأثرياء و المتنفذين يعاملون رجال الدين ذوي المراتب الدنيا كخدمٍ لهم أما رجال الدين ذوي المراتب العليا فقد كانوا غارقين في الفساد و الثروة
كما كان يتم تولية رجل الدين ذي المرتبة العليا عدة مناصب دينية رفيعة في وقتٍ واحد مما كان يعني إهماله لتلك المناصب و تغيبه الدائم عن أبرشيته.

إن العنوان الفرعي the subtitle لرواية جوزيف أندروز يشير إلى أن هذه الرواية قد كتبت على نهج الطريقة التي كتب فيها سيرفانتس Cervantes رواية
دون كيشوت Don Quixote 1605)) وهي الرواية التي تتحدث عن شخصٍ مهووس بقراءة قصص الفروسية يقرر تطبيق ما قراءه على أرض الواقع حيث يرتدي زي الفرسان و يتخذ مساعداً له و يسافر في أنحاء إسبانيا بحثاً عن المغامرة حيث كان خياله يحمله على إساءة تفسير الواقع فكان يرى الواقع الاعتيادي و كأنه عالمٌ من عوالم الأعمال الخيالية التي كان مهووساً بها , ولكن علينا أن ننتبه كذلك إلى أن رواية دون كيشوت هي روايةٌ فسفية من طرازٍ رفيع كما هي حال رواية روبنسون كروزو مثلاً .
و يمكن القول بأن رواية دون كيشوت هي أول ملحمةٍ نثريةٍ ساخرة comic-epic in prose أي أنها أول رواية novel ظهرت في القارة الأوروبية .

وثمة أوجه شبهٍ عديدة بين رواية جوزيف أندروز و بين رواية دون كيشوت حيث أن رحلة رجل الدين أبراهام آدامز Abraham Adams مع جوزيف أندروز
Joseph Andrews في الريف الإنكليزي تشبه رحلة دون كيشوت Don Quixote مع تابعه سانشو بانزا Sancho Panza في الريف الإسباني , وكذلك فإن مثالية أبراهام آدامز المحيرة تشبه مثالية دون كيشوت الذي تشرب بأخلاق الفرسان الخياليين و أخلاق الفروسية التي لاوجود لها على أرض الواقع في أوروبا , وفي النهاية فإن هنالك تشابهاً كبيراً بين نبل شخصية بارسون آدامز و نبل شخصية دون كيشوت .
إن كلاً من رواية جوزيف أندروز ورواية دون كيشوت تصور لنا رياء المجتمع
و نفاقه و مكره و تظاهره بما ليس فيه فالجبان يتظاهر بالبطولة و الشجاعة و رجل الدين يقول مالا يفعل ولا يصدق أقواله بالأفعال .
و بالإضافة إلى التشابه في المضمون فإن هنالك تشابهٌ شكلي بين هاتين الروايتين من حيث طريقة تقسيم الرواية بالإضافة إلى ميل المؤلفين إلى الاستطراد digression و الخروج عن الموضوع الرئيسي بالإضافة إلى أن هنالك الكثير من الأحداث المتشابهة في هاتين الروايتين .
كما أن كلاً من هاتين الروايتين تقدمان محاكاةً ساخرة للأعمال الرومانسية الفروسية burlesquing the chivalric romance .
ومن الملاحظ بأن سيرفانتس بعد الفصل السادس في رواية دون كي شوت يقلل من محاكاته الساخرة burlesque لروايات الفروسية حيث يتجه المؤلف إلى انتقاد المجتمع بمزيجٍ من الجد و الهزل ليصبح موضوع الرواية انتقاد االحياة الواقعية بشكلٍ هزلي و كذلك هي الحال في رواية جوزيف أندروز حيث تبدأ هذه الرواية بمحاكاةٍ ساخرة parody لرواية باميلا التي كتبها ريتشاردسون
Richardson’s Pamela من قبل .

و بخصوص الشبه بين هاتين الروايتين فإن موريس جونسون Maurice Johnson في كتابه المعنون ” فن الخيال عند فيلدينغ ” Fielding’s Art of Fiction (1961) يقول :
‘ Like Quixote , who was absorbed in a vanished world of chivalry, Abraham Adams amusingly tries to live by the idealistic tenets of Christianity and Greek and Roman moralists;like Quixote he fearlessly and thanklessly champions the oppressed and weak;like Quixote he is entirely ignorant of the way of this World as an infant’.
” مثل كيشوت كان مستغرقاً في عالمٍ زائلٍ من الفروسية , لقد كان أبراهام آدامز يحاول بشكلٍ مسلي أن يعيش وفق العقائد المثالية للمسيحية و فضائل الإغريق و الرومان , وبشكلٍ مشابه لكيشوت فإنه بلاخوفٍ و بدون تفكير كان يناصر المظلومين و الضعفاء , و مثل كيشوت فقد كان يجهل بشكلٍ كلي طريق هذا العالم كحال الطفل الرضيع’.

ولابد من الإشارة كذلك إلى أن كلاً من رواية دون كيشوت و رواية جوزيف أندروز تعتبران من روايات التشرد picaresque novels وهي الروايات التي تقع معظم أحداثها أثناء سفر بطلها أو أبطالها مثل رواية هاكلبيري فين لمارك توين مثلاً .
وقد كان أدب التشرد شائعاً خلال القرنين السادس عشر و السابع عشر حيث كان هذا النوع من الروايات يصور لنا شخصاً لامكان له في المجتمع يهيم على وجهه بحثاً عن مكانٍ أفضل للعيش حيث يكافأ بطل الرواية في النهاية بوصولٍ سعيد إلى
إلى مقصده أي المكان الذي تتحقق سعادته و استقراره فيه أي المكان الذي يتزوج فيه أو يحصل فيه على مبلغٍ كبير من المال أو الإثنين معاً .
وخلال عصر النهضة the Renaissance كان ينظر إلى أدب التشرد
Picaresque على أنه يصور رحلة الإنسان نحو الخلاص و مروره في طريقه تلك بالكثير من الاختبارات الشاقة.

لقد كان البطل الملحمي the epic hero الذي نجده في الأعمال الملحمية الكلاسيكية شخصاً ذو قدراتٍ تفوق قدرات البشر كما كان مصير هذا البطل مرتبطٌ بمصير شعبه , و قد واجه الكتاب المسيحيين مشكلةً كبيرة تتعلق بتحويل نموذج هذا البطل الملحمي الوثني إلى بطلٍ مسيحي يشكل نموذجا و مثالاً للفضيلة , وهي المشكلة التي تمكن الشاعر ميلتون Milton من حلها في قصيدة الفردوس المفقود Paradise Lost (1667) عندما جعل من يسوع المسيح Jesus Christ بطلاً لتلك القصيدة وفي رواية جوزيف أندروز نجد بأن هنري فيلدينغ قد جعل من رجلين صالحين أبطالاً لروايته و هما بالطبع أبراهام آدامز و جوزيف أندروز .

□ حبكة الرواية the plot :

في الفصل الأول من الجزء الأول يخبرنا فيلدينغ بأن بطل روايته جوزيف أندروز Joseph Andrews هو شقيق باميلا Pamela , كما يخبرنا بأن جوزيف أندروز يحذو حذو شقيقته في الفضيلة و العفة و بلك فإنه يشكل مثالاً لعفة الذكر male-chastity .
وفي الفصل الثاني من الجزء الأول يخبرنا هنري فيلدينغ بأن بطل روايته
هو شخصٌ اعتيادي فهو ليس من طبقة النبلاء و لكنه يمتلك عدداً من الأسلاف
As many ancestors مماثلٌ للعدد الذي يمتلكه أي شخصٍ آخر .
لقد كان جوزيف أندروز يعمل عند سير توماس بوبي Sir Thomas Booby و كان مكلفاً بالعناية بكلابه و خيوله وعندما كان في السابعة عشرة من عمره بدأ يلفت انتباه الليدي بوبي Lay Booby التي أرادت أن تعينه خادماً شخصياً لها لغايةٍ في نفسها .

وفي الفصل الثالث من الجزء الأول نتعرف على رجل الدين بارسون آدامز
Parson Adams وهو رجل علم ٍ طيب القلب و عفوي, كما نتعرف على سير توماس بوبي زوج الليدي بوبي وهو رجلٌ مادي يقيم الناس وفقاً لثرواتهم و مظهرهم الخارجي فقط.
وفي هذا الجزء من الرواية تنوي الليدي بوبي السفر إلى لندن واصطحاب جوزيف أندروز معها إلى هناك , وفي لندن نرى بأن جوزيف أندروز يتجنب الشرور المنتشرة هناك من شرب الخمر و لعب القمار وسواها من الموبقات , وكان جوزيف في تلك الفترة قد أصبح خادماً شخصياً لليدي بوبي التي كانت تطلب منه إدخال الرسائل إليها وهي ما تزال في سريرها في غرفة نومها و لذلك فقد انتشرت شائعاتٌ في لندن مفادها بأن جوزيف أندروز هو عشيق الليدي بوبي .
وفي الفصل الخامس من الجزء الأول يموت سير توماس بوبي Sir Thomas Booby زوج الليدي بوبي التي تدعي بأنها في حالة حدادٍ و حزنٍ عليه بينما كانت في الحقيقة تلعب الورق مع أصدقائها طيلة الأيام الستة التي تلت موت زوجها , وفي اليوم السابع تحرشت بجوزيف أندروز و حاولت اغتصابه و لكنه عندما تمنع فإنها وصفته بأنه إما أنه أحمق أو أنه يدعي الحمق ثم طردته من غرفتها .
وهنا علينا الانتباه إلى أن هنري فيلدينغ عندما قال بأن الليدي بوبي قضت الأيام االستة التي تلت موت زوجها في لعب الورق ثم في اليوم السابع But on the seventh day تحرشت بجوزيف أندروز و حاولت اغتصابه – هذا القول فيه تطاول و سخرية من الكتاب المقدس the Bible حيث أننا نجد في سفر التكوين 2:2

‘And on the seventh day God ended his work which he had made; and he rested on the seventh day from all his work which he made.”
Genesis 2:2
” وفي اليوم السابع أنهى الإله عمله الذي قام به , واستراح في اليوم السابع من كل العمل الذي قام به ”
سفر التكوين 2:2
وعلينا الانتباه كذلك إلى التشابه بين عفة (جوزيف) Joseph أي (يوسف) و بين عفة النبي (يوسف ) Joseph الذي وردت قصته في سفر التكوين كذلك حيث راودته زوجة العزيز potiphar عن نفسه :
” his master’s wife cast her eyes upon Joseph ,and she said ,Lie with me.But he refused”
Genesis 39:7-20
“زوجة سيده ألقت بناظريها عليه وقالت اضجع معي ولكنه رفض ”
سفر التكوين 39:7-20

وفي الفصل السادس من الجزء الأول يكتب جوزيف رسالةً إلى شقيقته باميلا
يشتكي إليها ما قامت به الليدي بوبي حيث أنها طلبت منه أن يجلس بجوارها على السرير كما أنها أمسكت يده ولذلك فإنه رغب في أن يجد عملاً آخر قبل أن تقوم ليدي بوبي بطرده بل إنه رغب في مغادرة لندن لأنه كان يرى بأنها مكانٌ سيئ .
ومن الملاحظ بأن ابن عم ليدي بوبي قد بدأ بالتحرش بخادمته باميلا بعد موت زوجته , وكذلك فإن ليدي بوبي قد بدأت بالتحرش بخادمها جوزيف بعد أن مات زوجها .

وبعد أن ينهي جوزيف كتابة رسالته تقترب السيدة سليب سلوب Mrs Slipslop
منه و تحاول التحرش به , و السيدة سليب سلوب هي سيدةٌ بشعة و سيئة السمعة , ولذلك فإنها لا تخشى على سمعتها وهنا فإن جوزيف يظهر لها الاحترام الذي تعتبره إهانةً لها و ذلك حين يقول لها ” لقد أحببتك دائماً كما لو أنك أمي ”
“I have always loved you as well as if you had been my own mother ”
مما جعلها تستشيط غضباً و تحاول اغتصابه بالقوة ولكن جوزيف ينجو منها عندما تقرع ليدي بوبي الجرس لاستدعائها لأمرٍ ما .

وهنا فإن الرسائل التي يتم تبادلها بين جوزيف أندروز و شقيقته باميلا تذكرنا بأن
رواية باميلا التي كتبها ريتشاردسون Richardson’s Pamela هي من ” روايات المراسلة ” an epistolary novel , أي الروايات التي يتم سرد أحداثها على شكل رسائل يتم تبادلها بين أبطال الرواية .

وهكذا فقد أصبح الشاب جوزيف هدفاً لكلٍ من ليدي بودي و خادمتها سليبسلوب
ولذلك فإننا في الفصل السابع Chapter7 من الجزء الأول Book1 نرى بأن الليدي بوبي تستدعي السيدة سليبسلوب Mrs Slipslop إلى غرفتها حيث تناقش هاتين الإمرأتين المحبطتين موضوع هذا الشاب , وهنا فإن السيدة سليبسلوب تنقل لليدي بوبي بعض الأكاذيب عن جوزيف فتتهمه زوراً بأنه سكير و مقامر و أنه وغدٌ شهواني تسبب في حمل إحدى الخادمات , وهنا فإن ليدي بوبي تطلب من سليبسلوب أن تطرد كلاً من جوزيف أندروز و تلك الخادمة من العمل .
وفي الفصل الثامن من الجزء من الجزء الأول نرى ليدي بوبي تشتاط غضباً من هذا الشاب ذو الإحدى و عشرين عاماً إلى درجة أن تنفجر بالصراخ قائلةً :
‘ Did ever mortal hear of a man’s virtue!’
” وهل سبق لكائنٍ بشري أن سمع عن رجلٍ لديه عفة ”
وهنا فإن جوزيف يحدث ليدي بوبي عن عفة شقيقته باميلا و كيف أنه يعتبرها مثالاً له فما يكون من ليدي بوبي إلا أن تطرده من منزلها .

لاحقاً نلاحظ بأن رئيسة الخدم السيدة سليبسلوب لم تعد تحترم الليدي بوبي ولم تعد تخاف منها بل إنها أصبحت تسخر من إدعائها للفضيلة ولذلك فإن الليدي بوبي تطلب من السيدة سليبسلوب أن تبحث عن عملٍ آخر , ولكنها بعد أن تدرس الموضوع بروية تشعر بالخشية من أن يكون جوزيف أندروز قد أسر لسليبسلوب بأن الليدي بوبي كانت تتحرش به و لذلك و انطلاقاً من خوفها على سمعتها و خشيةً من أن تقوم السيدة سليبسلوب بافتضاح أمرها إن هي طردتها من العمل فإنها تبقي على سليبسلوب في خدمتها و هو الأمر الذي توافق عليه سليبسلوب لأنها لم تكن ترغب في البحث عن عملٍ جديد .
لقد كانت الليدي بوبي تخشى على سمعتها لأنها إن فقدت سمعتها الحسنة فلن تدعى إلى صالونات و حفلات المجتمع المخملي و لن يشاركها أحد من أفراد ذلك المجتمع في هوايتها المفضلة وهي بالطبع لعب الورق .

في الفصل العاشر Chapter 10 من الجزء الأول Book 1 يكتب جوزيف رسالةً إلى شقيقته باميلا يشكو إليها فيها وقوع الليدي بوبي في غرامه , و بعد ذلك فإنه يغادر منزل ليدي بوبي مع القليل من المال و الأمتعة .
وكان جوزيف ينوي مغادرة لندن إلى مقر ليدي بوبي الريفي Lady Booby’s country seat حيث أن خطيبته فاني Fanny تعيش في تلك الأبرشية parish
وهي فتاةٌ فقيرة و جميلة قامت عائلة سير توماس Sir Thomas’s family بتربيتها .
وخلال رحلة السفر تهب عاصفةً تجبر جوزيف أندروز على الإقامة في نزل an inn و في ذلك النزل يلتقي جوزيف بمسافرٍ يعرض عليه أن يعيره حصانه الثاني حيث أنهما متجهان إلى الوجهة ذاتها .
وبعد أن يصل هذين المسافرين ( أي جوزيف و المسافر الآخر) إلى النزل فإن جوزيف يواصل سفره سيراً على الأقدام وفي الطريق فإنه يتعرض لهجوم إثنين من قطاع الطرق حيث يضربانه إلى أن يفقد وعيه و يقومان بسرقة ملابسه و نقوده و يلقيانه على قارعة الطريق.
وبعد ردحٍ من الزمن تمر عربة ركاب stage-coach بالقرب منه وهنا فإن المسافرين يبدون عدم رغبتهم في أن تتوقف العربة لتقديم المساعدة لهذا الشخص الجريح و الملقى عارياً على الطريق , فبعضهم كان خائفاً من أن يتعرض كذلك للسرقة و البعض الآخر رفض تقديم المساعدة لأن جوزيف كان عارياً بينما خشي آخرون من أن يموت في العربة فيوقعهم في المشاكل .
وباختصار فإن جميع ركاب العربة الأثرياء قد رفضوا مد يد العون لجوزيف و إعطاءه بعض الملابس لكي يغطي سوءته .
ولكن وحده الحوذي postillion أعطى معطفه لجوزيف حتى يمكنه من الصعود إلى العربة .
وبعد ذلك تصل العربة إلى نزل وهناك تعطي الخادمة بيتي Betty قميصاً لجوزيف كما تؤمن له سريراً كذلك , وهنا ينشأ خلافٌ بين السيد تو- وز
Mr Tow-wouse مالك الفندق و بين زوجته سببه الإحسان الذي قدمته الخادمة بيتي لجوزيف .

في الفصل الثالث عشر من الجزء الأول يزور أحد الأطباء جوزيف و يتكلم بمصطلحاتٍ طبية لا يفهما جوزيف , كما يأتي رجل دينٍ محلي يدعى برناباز
Barnabas و يخبر جوزيف بأن هذا العالم دنيوي و أن عليه أن لا يفكر إلى في السعادة التي يمكن نيلها في السماء , ولكن السعادة بالنسبة لجوزيف كانت خطيبته فاني Fanny حيث أنه كان ينظر إليها على أنها مكافئته على عفته التي حافظ عليها .
كما ينصحه رجل الدين قائلاً بأن علينا أن نسامح الذين يسرقوننا و يسلبوننا , في الوقت الذي كان فيه جوزيف يعاني من الحمى و لذلك فقد طلب شرب الشاي
ولكنهم رفضوا تقديم الشاي له في الوقت الذي قدموا فيه لرجل الدين الشاي و شراب البنش punch .
و لكن الخادمة ببيتي Betty تقدم الشاي لجوزيف بعد ذلك كما قدمت له المساعدة من قبل .
وهنا فإن هنري فيلدينغ يسخر من الميثوديين Methodist أتباع الذهب الميثودي
Methodism وهو مذهبٌ أسسه جون ويسلي John Wesley , كما يدعى كذلك بالمذهب الويسلي Wesleyan و أساسه أن الطقوس الدينية أهم من العمل الصالح و قد كان من مؤيدي هذا الرأي كذلك جورج وايتفيلد George Whitefield (1703-1791), و علينا الانتباه إلى أن انتقاد هذا المذهب يتكرر كثيراً في هذه الرواية .

في الفصل الرابع عشر من الجزء الأول يأتي أحد الغرباء إلى الفندق حيث يشكو السيد تو-وز Mr Two-wouse مالك الفندق لهذا الغريب بأنهم قد تركوا جوزيف في عهدته في الفندق , و كان هذا الغريب يقرأ كتب الطب القديمة باللغة اليونانية و يتضح لنا بأن هذا الشخص هو رجل الدين بارسون آدامز.
بعد ذلك يتم القبض على أحد اللصوص الذين قاموا بسرقة حاجيات جوزيف حيث يعثر على قطعة النقد الذهبية العائدة لجوزيف بحوزة هذا اللص الذي يودع في عهدة صاحب الفندق على أن يعرض على القضاء في اليوم التالي .
في الفصل الرابع عشر من الجزء الأول نلاحظ بأن السيدة تو وز Mrs Two-wouse بدأت تعامل جوزيف بلطف اعتقاداً منها بأن جوزيف أندروز ينتمي للطبقة العليا من المجتمع .
وفي هذا الفصل فإن كلاً من رجل الدين برناباز Barnabas و الطبيب الجراح يحاولان عبثاً أخذ قطعة النقد الذهبية من جوزيف لاستخدامها كدليل كما يقولان.
بينما يفكر بارسون آدامز في السفر إلى لندن في محاولةٍ منه لبيع مواعظه هناك .
وفي الفصل السادس عشر يهرب اللص من الفندق في الليل و تحوم الشكوك حول تمكنه من الهرب من خلال رشوته للشرطي , وهنا يخشى مالك الفندق السيد تو-وز من أن يتعرض للمسائلة القانونية بعد هرب اللص من فندقه لأن هذا اللص كان في عهدته .
و في تلك الأثناء لاتتبقى أية أموال بحوزة رجل الدين بارسون آدامز و لذلك فإنه يحاول اقتراض المال من صاحب النزل و يعرض عليه مجلدات مواعظه التسعة كضمان سداد security ولكن رجل الدين برناباز يخبره بأنه ما من أحدٍ يقرأ المواعظ الدينية .
كما يدعي الطبيب بأن الفضل في شفاء جوزيف يعود إليه مع أن جروح جوزيف كانت قد التأمت و شفيت قبل أن يراه الطبيب بثلاثة أيام .
وفي نهاية هذا الفصل يصل أحد أصدقاء رجل الدين برناباز Barnabas إلى الفندق .
وفي الفصل التالي يتضح لنا بأن صديق برناباز هذا هو ناشر كتب , وعندما يعلم هذا الناشر بنية بارسون آدامز بيع مجلدات المواعظ التي يمتلكها يخبره بأن السوق متخمٌ بالمواعظ ومع ذلك فإنه سيأخذ هذه المواعظ معه إلى لندن و سيرسل برأيه حولها لاحقاً .
كما يدور جدالٌ حاد بين كلٍ من آدامز و برناباز و بائع الكتب The bookseller
حول الإيمان faith و العمل works و أيهما أكثر أهمية , وهنا فإن بارسون آدامز يؤكد لهم بأن الإيمان يظهر في العمل الصالح faith is shown in works
حيث أن الأفعال هي اتي تظهر نوايا الإنسان الحقيقية وهي التي تصدقها و ليست الكلمات الرخيصة ,فكل شعار و كل فكرة لاتصدقها الأفعال هي شعاراتٌ و أفكار كاذبة و رخيصة و ساقطة . و أثناء استغراق هؤلاء الثلاثة في هذا الجدال يتناهى إلى أسماعهم صراخٌ حاد حيث يتضح لنا بأنه ناتجٌ عن عراك بين زوجة صاحب الفندق السيدة تو- وز Two-wouse و بين الخادمة بيتي Betty حيث أن السيدة تو-وز قد فاجأت الخادمة بيتي و هي في سرير زوجها , وهنا تحاول السيدة تو-ووز توجيه ضربة للخادمة بيتي و لكن آدامز يمنعها من ذلك مما يمكن الخادمة بيتي من الهرب .
وفي الفصل التالي (Chapter 18) تتضح لنا أبعاد ما حدث في الفصل السابق حيث أن الخادمة بيتي راودت جوزيف عن نفسه ولكنه أعرض عنها مما جعلها تشعر بالغضب وهو الأمر الذي دفعها إلى ممارسة الرذيلة مع صاحب الفندق , وعلى كلٍ فإن زوجة صاحب الفندق السيدة تو- وز تقوم بطرد الخادمة بيتي من العمل جزاء ما قامت به.
في الفصل الثاني Chapter 2 من الجزء الثاني Book 2 نرى بأن بارسون آدامز
كان يتهيأ للذهاب إلى لندن لبيع مواعظه sermons فيها بينما كان جوزيف أندروز ينوي الذهاب إلى خطيبته فاني Fanny , ولكن آدامز ينسى مواعظه في الفندق وهنا فإنه يرى في نسيانه للمواعظ في النزل هو بمثابة إشارةً إليه بأن عليه أن يلغي فكرة السفر إلى لندن و أن يعود مجدداً إلى أبرشيته parish التي يرعاها بوصفه رجل دين , علماً أن أبرشية بارسون آدامز تقع ضمن أملاك ليدي بوبي و أن فاني خطيبة جوزيف موجودةٌ هنالك كذلك أي كلاً من بارسون آدامز و جوزيف أندروز و فاني مازالوا تحت سلطة ليدي بوبي .

وهنا يعود بارسون آدامز مع جوزيف أندروز إلى الأبرشية , حيث يتبادلان ركوب حصانٍ واحد وقد اتفقا أن يمتطي أحدهما الحصان إلى مسافعة معينة يربط فيها الحصان و يتابع طريقه سيراً على الأقدام بعد ذلك و عندما يصل الثاني إلى الحصان فإنه يمتطيه مسافةً معينة و هكذا إلى أن يصلا إلى وجهتهما .
لاحقاً يتم احتجاز جوزيف في خان لأنه لم يتمكن من دفع نفقات إطعام الحصان بينما كان بارسون آدامز الذي كان متقدماً على جوزيف ينتظر وصول جوزيف في حانةٍ لشرب ( المزر )alehouse.
و أثناء وجود بارسون آدامز في حانة المزر at the alehouse يدخل رجلين وهما يضحكان و يتحدثان عن حصانٍ تم احتجازه في خان inn قريب , وهنا يدرك آدامز بأن هذا الحصان هو حصانه .
وفي تلك الأثناء تصل السيدة سليبسلوب Mrs Slipslop في عربة إلى الخان حيث تقابل جوزيف هناك و تدفع المال من أجل الحصان وبعد ذلك يتابع جوزيف طريقه ممتطياً الحصان بينما يصعد بارسون آدامز إلى العربة و يجلس مع السيدة سليبسلوب وصيفة ليدي بوبي .
وفي العربة يتناقش بارسون آدامز مع السيدة سليبسلوب بشأن محبتها لجوزيف أندروز وفي تلك الأثناء يبدأ أحد المسافرين برواية قصة عن ( ليونورا) Leonora وهي شابة على الطراز الحديث .

الفصل الرابع من الجزء الثاني من هذه الرواية يتحدث عن قصة ليونورا Leonora وهي فتاةٌ ثريةٌ و جميلة قام بخطبتها شاب ثري ووسيم يدعى (هوراشو) Horatio , وقبيل زفافها تشاهد ليونورا من نافذتها عربةًً فخمة تجرها ستة خيول فتفتتن بها و سرعان ما تقابل مالك هذه العربة و يدعى (بيلارمين )
Bellarmine حيث تفتتن بثيابه الفرنسية الأنيقة فتراقصه لغاية الساعة السادسة صباحاً , وفي اليوم التالي يصارحها بحبه لها وهي المفتونة بأناقته التي تدل على الثراء و المكانة و لذلك فإنها تتشاجر مع خطيبها السابق (هوراشو) Horatio الذي يتحدى الشاب الفرنسي (بيلارمين) Bellarmine و يدعوه للنزال و يجرحه في ذلك النزال فتقوم ليونورا بزيارته وهو على فراش المرض على الرغم من خطورة ذلك على سمعتها .
وفي الفصل الخامس من الجزء الثاني يتوقف المسافر عن رواية قصة ليونورا
Leonora حيث تصل العربة إلى خان وفي ذلك الخان يلتقي بارسون آدامز بجوزيف الذي أصيبت ساقه جراء سقوطه من على صهوة جواد بارسون آدامز الضعيف .
وبعد ذلك يدخل صاحب الخان innkeeper و يتشاجر مع زوجته لأنها كانت تعتني بساق جوزيف بدلاً من إعداد الطعام لركاب العربة التي وصلت مؤخراً إلى الخان ولذلك يتشاجر بارسون آدامز مع صاحب الخان ثم يتحول شجارهما إلى عراك وهنا تقذف زوجة صاحب الخان بطشت مملوءٍ بدم الخنزير في وجه آدامز و بعد ذلك تدخل السيدة سليبسلوب Slipslop إلى المطبخ و تشارك في هذه المعركة الطاحنة التي تستمر إلى أن يتدخل بعض المسافرين و يفضوا هذا الاشتباك .

وأثناء استعداد المسافرين لمغادرة الفندق تبدي الآنسة غريفيرز Grave-airs
اعتراضها على ركوب خادم footman مع الركاب في العربة , وهي تقصد بالخادم جوزيف أندروز , و أثناء ذلك يمر والد الآنسة غريفيرز بالصدفة بقرب العربة حيث يطلب من ابنته الآنسة غريفيرز Miss Grave-airs أن تركب معه في عربته الخاصة .
وبعد أن تغادر الآنسة غريفيرز هذه العربة إلى عربة والدها يخبر سائق العربة
Stage-coachman الركاب بأن والد هذه الفتاة كان في الماضي يعمل حوذياً postillion قبل أن يصبح ثرياً .

□ يجلس سائق العربة coachman في مقدمتها حتى يتمكن من قيادة الخيول بينما يقود (الحوذي) postillion العربة و هو يمتطي جواداً يسير بمحاذاة العربة التي يقودها .
في الفصل السادس من الجزء الثاني تتابع العربة رحلتها كما يتابع المسافر رواية قصة ” ليونورا” Leonora , حيث تفسخ ليونورا خطبتها من خطيبها الصابق هوريشو Horatio و تصبح عشيقةً لبيلارمين Bellarmine و تعيش معه بلا زواج و لذلك فإن سمعتها تسوء كثيراً .
و عندما يسأل عشيقها بيلارمين والدها عن قيمة المهر dowry الذي سيحصل عليه إن تزوجها فإن والدها يخبره بأنه لن يحصل على أي شيء , و عند علم بيلارمين Bellarmine بأنه لن يحصل على أية نقود إن تزوج ليونورا فإنه يهجرها و يعود إلى فرنسا ملقياً باللائمة على والد ليونورا الذي رفض منحه مهراً كبيراً .
أما خطيبها السابق هوريشو Horatio فإنه يصبح رجلاً ثرياً , وهو مازال يتنهد بحسرة كلما ذكر اسمها كما أنه كان لا يذكرها بسوءٍ أبداً .
ونتيجةًً لسوء السمعة الذي لحق بليونورا نتيجة علاقتها المشبوهة بعشيقها و معيشتها معه دون زواج فإن أحداً لا يتقدم لخطبتها و لذلك فإنها تقضي بقية حياتها دون زواج .
وهكذا تنتهي قصة ليونورا في الفصل السابع من الجزء الثاني , وفي هذا الفصل يتذكر أبراهام آدامز Abraham Adams بأنه نسي حصانه في الخان , كما يسمع بارسون آدامز طلقاً نارياً ثم يرى رجلاً يحمل طائر حجلٍ partridge حيث يخبره بأن الجنود الذي يعسكرون في الجوار قد قاموا بصيد معظم الطرائد , ثم يبدي استيائه من الجيش الإنكليزي ومن فشل هذا الجيش في الخارج .
وفي الفصل الثامن من الجزء الثاني يخبر أبراهام آدامز ذلك الرجل عن ماضيه و كيف أنه ضحى بمستقبله المهني حفاظاً على مبادئه عندما رفض أن يؤثر على آراء ابن عمه السياسية في الانتخابات , كما أنه لم تتم ترقيته في الأبرشية curacy بسبب مواقفه المعارضة لتصرفات ليدي بوبي Lady Booby التي كانت كذلك تعترض على طريقته في اللباس و التصرف .
كما يخبر أبراهام آدامز ذلك الرجل بأن لديه ابناً في الثلاثين من عمره تقريباً و أن الأسقف the bishop قد رفض تعيينه كاهناً بحجة أنه لايحمل مؤهلاً جامعياً .
وفي الفصل التاسع من الجزء الثاني يدعو ذلك الرجل بارسون آدامز إلى منزله
وفي طريقهما إلى منزل الرجل تتناهى إلى أسماعهما صيحات امرأة تستغيث فيهرب ذلك الرجل الذي كان منذ قليلٍ يدعي الشجاعة بينما يهب أبراهام آدامز لنجدتها و يضرب الشخص الذي كان يحاول اغتصابها بالقوة حتى يفقده وعيه , وهنا تخبر هذه المرأة بارسون آدامز بأنها التقت بهذا الرجل أثناء سفرها حيث عرض عليها أن يدلها إلى الطريق ثم حاول اغتصابها بعد ذلك.
في الفصل العاشر من الجزء الثاني يستعيد ذلك المغتصب وعيه , وعندما يدرك بأنه قد وقع و أنه لا مهرب له فإنه يبادر اتهام كلٍ من أبراهام آدامز و تلك المرأة بأنهما قد حاولا قتله , وفي الحال يقوم السكان المحليون بإلقاء القبض على بارسون آدامز و على تلك المرأة طمعاً في المكافئة , و أثناء قيام هؤلاء الرعاع باقتيادهم إلى المحكمة يكتشف أبراهام آدامز بأن الفتاة التي أنقذها للتو من الاغتصاب ما هي إلا فاني Fanny خطيبة جوزيف أندروز التي كانت قد خرجت للبحث عنه بعد أن علمت بأنه في مأزق .
و يمثل كلُ من أبراهام آدامز و فاني Fanny أمام القضاء في الفصل الحادي عشر من الجزء الثاني حيث تتم معاملتهما كمجرمين , كما تحتشد الجموع لمشاهدتهما و يتعرضان للكثير من الإهانة .
و عندما يخبرهم أبراهام آدامز بأنه رجل دين لا يصدقون ذلك و يتهموه بأنه قد سرق عباءة رجل الدين , و عندما يجد القاضي كتاباً بلغةٍ أجنبية مع بارسون آدامز يدفعه جهله إلى الاعتقاد بأن هذا الكتاب مكتوبٌ بشيفرة سرية مما يدفعه لاتهام بارسون آدامز بالجاسوسية , ثم يأمر بحبسهما بضعة أشهرٍ على ذمة التحقيق إلى أن يأتي دورهما في المحاكمة .
وهنا يتدخل أحد النبلاء بعد أن يتعرف على أبراهام آدامز و يأمر القاضي بأن يطلق سراحهما فيسارع القاضي إلى إطلاق سراحهما , وهنا نرى كيف يلهث القاضي بالاعتذار عما بدر منه لكلٍ من فاني و أبراهام آدامز وهو الذي كان يعاملهما بكل سفالة منذ لحظات و يتهمهما بالسرقة و محاولة القتل بل و الخيانة .
كما يبادر القاضي إلى إصدار أوامره بالقبض على المجرم الذي حاول اغتصاب فاني Fanny , و لكن الأوان قد فات حيث أن المجرم الحقيقي قد استغل سسخف
هذا النظام القضائي الذي يعاقب البريء حتى يلوذ بالفرار .
وكما رأينا هنا فإن هنري فيلدينغ Henry Fielding يلقي ضوءاً على مدى فساد و تفاهة النظام القضائي في بريطانيا في تلك الفترة و كيف كان يتم إسناد هذه المهمة الشريفة إلى حفنةٍ من الأنذال عديمي الضمير .
في الفصل الثاني عشر من الجزء الثاني يلتقي جوزيف أندروز مع خطيبته فاني
Fanny لأول مرة في هذه الرواية في حانةٍ لشرب المزر alehouse بعد أن ترغم عاصفةٌ عاتية أبراهام آدامز و فاني على الالتجاء إلى تلك الحانة , كما يلتقيان في تلك الحانة كذلك بالسيدة سليبسلوب Mrs Slipslop التي تتجاهل فاني ولا ترد التحية لها ثم تغادر المكان بدافع الغيرة من فاني التي حظيت بقلب جوزيف , حيث أن ادعاء السيدة سليبسلوب بأنها لم تتعرق على فاني Fanny هو ادعاءٌ غير منطقي لأنه قد سبق لها أن عاشت معها في منزلٍ واحد لعدة سنوات .

وهنا فإن سليبسلوب تتبع التقليد المتبع عند أفراد الطبقة العليا الذين يرفضون الاعتراف بأنهم يعرفون شخصاً من أشخاص الطبقات الدنيا معرفةً شخصية , وهنا فإن السيدة سليبسلوب تقول :
‘ can’t remember all the inferior servants in our family’
لا ” أستطيع أن أتذكر كل الخدم الوضيعين في عائلتنا”
و عندما يرفض جوزيف المغادرة دون خطيبته فاني فإن السيدة سليبسلوب
تغادر غاضبةً في عربتها و نار الغيرة تشتعل في قلبها .
وبعد ذلك يطلب كل من جوزيف و فاني من أبراهام آدامز أن يعقد قرانهما بأسرع وقت ولكن أبراهام آدامز يصر على أن يتم قرانهما وفق التقاليد الكنسية المرعية أي أن يتم الإعلان ثلاث مرات عن هذا القران قبل عقده .
وفي الصباح عندما يهم رجل الدين أبراهام آدامز مع جوزيف و فاني بمغادرة الخان يكتشفون بأنهم لا يمتلكون المال الكافي لدفع فاتورة إقامتهما في هذا الخان و لذلك فإن أبراهام آدامز يقرر اقتراض بعض المال من أحد رجال الدين المحليين .
ولهذا السبب فإن رجل الدين أبراهام آدامز يقوم في الفصل الرابع عشر من الجزء الثاني بزيارة بارسون تروليبار Parson Trulliber .

و يتضح لنا بأن تروليبار Trulliber هو رجل دين Parson في أيام الآحاد فقط أما في بقية أيام الأسبوع فهو مربي خنازير فخور بخنازيره السمينة .
وقد كان بارسون تروليبار ينتظر زبوناً ليشتري خنازيره و عندما أتى بارسون آدامز ليقترض المال منه ظن بأنه ذلك الزبون فرحب به و لكنه غير معاملته معه عندما علم بأنه ليس كذلك .
كما أنه انتقد طريقة أبراهام آدامز في اللباس و سفره على الأقدام لأن هذه أمور تنتقص من قدر رجال الدين كما يرى .
كما ازداد بارسون تروليبار حدةً عندما طلب بارسون آدامز منه بعض المال حتى يسددد فاتورة النزل و أخبره بأنه لن يعطيه أي شيء .
وهنا يذكره بارسون آدامز بأن المسيحيين أخوة و بأن عليهم أن يكونوا محسنين تجاه بعضهم البعض فيهم بارسون تروليبار بالعراك معه , ولكن بارسون آدامز يغادر المكان بعد أن يخبره بأن يأسف بأن يكون شخصٌ على شاكلته رجل دين ولذلك فإن أبراهام آدامز كما نرى في الفصل الخامس عشر من الجزء الثاني يعود إلى النزل و يخبر المضيفة hostess بأنه لن يستطيع أن يدفع فاتورة الإقامة في الفندق .
وبعد ذلك تذهب مضيفة الفندق لإحضار قبعة أبراهام آدامز و معطفه الذين نسيهما في منزل بارسون توليبار Parson Trulliber وهناك تعلم بمقدار الكراهية التي يكنها رجل الدين هذا لبارسون آدامز , وعند عودتها تخبر أبراهام آدامز و جوزيف و فاني بأنها ستطلب من الشرطة اعتقالهم إن غادرو النزل دون أن يدفعوا ما ترتب عليهم من مال .
إن جميع الأثرياء الذين يطلب منهم آدامز أن يقرضوه بعض المال يرفضون ذلك , غير أن بائعاً متجولاً pedlar فقيراً يقرض أبراهام آدامز كل المال الذي بحوزته وهو مبلغٌ كان يكفي بالكاد لدفع فاتورة الفندق وهكذا يتمكن هؤلاء الثلاثة من مغادرة الفندق .

وهنا إشارة إلى أحد المواضيع الرئيسية في هذه الرواية وهو انتقاد المتدينين و رجال الدين الذين يفصلون الدين عن حياتهم العملية .
وبعد بضعة أميالٍ من الفندق فإن هؤلاء المسافرون الثلاثة , أي آدامز و جوزيف و فاني , يلتقون برجلٍ يدعوهم لتناول الجعة في خانٍ محلي وبعد أن يتناولون الجعة في ذلك النزل يكتشفون بأن ذلك الرجل هو شخصٌ نصاب و أنه قد خدعهم حيث أنه معتادٌ على دعوة الناس إلى الحانات ومن ثم التهرب من دفع فاتورة الحساب , ولكن صاحب النزل في هذه المرة كان رجلاً كريماً وسمحاً .
في الفصل السابع عشر من الجزء الثاني يخبرهم مضيفهم صاحب النزل the host بأنه قد تعلم من خبرته التي اكتسبها من عمله السابق كبحار ألا يثق بأحدٍ من الناس , و هنا يجيبه أبراهام آدامز على كلامه هذا بقوله : أني بمعونة هذه الكتب ” قد سافرت أبعد أكثيراً مما سافرت أنت و بلا سفينة ”
” I have travelled a great deal farther than you without the assistance of a ship”
وهنا يدور بينهما جدالٌ حاد حول الفرق بين النظرية و التطبيق العملي .
وهذا الجدال يقودهما إلى مناقشة أهمية التجارة , وهنا يقول أبراهام آدامز بأن هدف التجارة هو إشباع الرغبات المادية للبشر بينما مهمة رجل الدين ملء أرواح الناس بالقداسة و الحب و لكن المضيف يبادره بالقول بأن رجال الدين نادراً ما يفعلون ذلك .
□ BOOK 3 الجزء الثالث
يبدأ هنري فيلدينغ الفصل الأول من الجزء الثالث بمقدمة يمتدح فيها ” السيرة الذاتية” biography , كما يتحدث عن كتاب السيرة الذاتية biographers قاصداً بهم الروائيين novelists .
وهنا فإن فيلدينغ يؤكد لنا بأنه ينبغي على الروائي ألا يستمد مادة كتابته من خياله و إنما يتوجب عليه أن يستوحيها من الحياة الواقعية , كما يؤكد لنا بأن على الروائي أن يستمد مادته مما يصح في كل زمانٍ و مكان و أن يبتعد عن الحالات الخاصة و أن يقوم بإظهار الأخطاء و انتقادها بهدف إصلاحها وهنا يقول فيلدينغ بأنه لم يقصد أشخاصاً معينين و إنما قصد أنماطاً معينة من أنماط السلوك :
” I describe not men ,but manner ”
في الفصل الثاني من الجزء الثالث يغادر كل ٌ من رجل الدين أبراهام أدامز و جوزيف و خطيبته فاني النزل و يتابعون رحلتهم في ليلةٍ حالكة الظلمة و أثناء سيرهم يلمح آدامز ضوءاً من بعيد فيعتقد بأنه شبح .
وبعد ذلك تتم استضافة هؤلاء المسافرين الثلاثة في إحدى المنازل الريفية , وبعد قليل يدخل بعض الغرباء إلى ذلك المنزل حيث يتضح لنا بأنهم ثلةٌ من لصوص الخراف وهم الأشخاص الذين خيل لأبراهامز آدامز عندما رآهم بأنهم أشباح .
ولكن صاحب المنزل يبدأ بالشك في كلٍ من أبراهام و جوزيف و يبدأ في امتحان آدامز في اللغة اليونانية , فيخبره آدامز بأنه لم يقرأ ترجمة أليكسندار بوب لأعمال هومار الملحمية Alexander Pope’s translations of Homer’s epics .
وبدلاً من ذلك فقد سرد آدامز معارفه المتعلقة بهومار و طريقة أرسطو في النقد Aristotle’s criticism و التي استمدها مما قرأه في اللغة اليونانية بطريقة أثرت في ذلك الرجل فيسأله عن قصة جوزيف و فاني فيخبره آدامز بقصتهما .
وفي الفصل الثالث من الجزء الثالث يبدأ السيد ويلسون Mr Wilson بسرد قصته على أبطال روايتنا الثلاثة فنعلم منه بأنه كان رجلاً نبيلاً و ثرياً ,و كما تعلمون فقد جرت العادة على ألا يحصل الوريث الثري على ثروته إلا بعد أن يبلغ الخامسة و العشرين من عمره , ولكن السيد ويلسون استطاع أن يحصل على إرثه بطريقةٍ ما عندما كان في السابعة عشرة من عمره , وبعد قيامه بذلك ترك المدرسة و غادر إلى لندن ( رمز الفساد في هذه الرواية) .
وفي لندن كان يرتاد بيوت الدعارة , كما أنه عاش مع إحدى المومسات مما أدى لأصابته بأمراض خطيرة كما أنه أقام علاقةً فاحشة مع سيدةٍ متزوجة ولكن زوجها اكتشف تلك العلاقة فطلق زوجته كما قام بمقاضاة ويلسون هذا .
ثم انضم السيد ويلسون بعد ذلك إلى مجموعةٍ من الأصدقاء الذين كانوا يمضون الليالي في شرب الخمر و لعب القمار و تناول الطعام بشراهة ومن ثم النوم طيلة النهار , وبعد أن تعب من كل ذلك التحق بمجموعة ممن يدعون أنفسهم بالمفكرين الأحرار free-thinkers .
وفي نهاية المطاف يخسر السيد ويلسون كل ثروته في القمار فيهجره أصدقاء الثروة و السوء , لأن هذا النوع لا يصادق الشخص بما هو شخص و إنما يصادق ثروته و مصلحته .

وحدها هاريت Harriet ابنة أحد الأشخاص الذين قاموا بخداعه من قبل قد وقفت بجانبه و كانت تساعده وقد كانت فتاةً جميلة و طيبة ولذلك فقد تزوجها ويلسون Wilson هذا حيث عاشا بعيداً عن الناس في منطقةٍ نائية من الريف حياةً هادئة
كما نعلم بأن ويلسون وزوجته هاريت Harriet كانوا لا يستخدمون أي خادمة في منزلهم حتى لا تتعود بناتهن على الكسل , ولم يعكر سعادتهما طيلة تلك السنين إلا قيام الغجر gypsies باختطاف إبنهما البكر .

في الفصل الرابع من الجزء الثالث يخبر ويلسون أبطال الرواية بأنه يستطيع تمييز ابنه من خلال علامةٍ شبيهة بثمرة الفراولة strawberry موجودة على الجزء الأيسر من صدره .
في الفصل الخامس من الجزء الثاني يكتشف آدامز بأن السيد ويلسون قد دس لهما قطعة نقودٍ ذهبية بين المؤن , فيمتدح آدامز إحسان charity السيد ويلسون و يقول بأنه سيرد له الجميل عندما يأتي لزيارة أبرشيته Parish في الأسبوع المقبل .
في الفصل السادس من الجزء الثاني يتحدث جوزيف عن فضيلة الاحسان وما يحظى به صاحبها ليس فقط من ثوابٍ في الحياة الآخرة و إنما السمعة الطيبة في الحياة الدنيا والتي لايمكن أن يحظى بها ولو أنفق الكثير من المال على المظاهر و السخافات .
وفي هذا الفصل تهاجم كلاب الصيد رجل الدين أبراهام آدامز و تقوم بعضه و هو نائم فيهرب منها هلعاً و عندما يراه صاحب الكلاب وهو بهذه الحالة يطلق كلابه عليه و هنا يأتي جوزيف لنجدته حيث يقوم هنري فيلدينغ برواية هذه الأحداث بطريقة ملحمية بطولية ساخرة mock-heroic style .
و يستخدم جوزيف و آدمز الهراوات ضد هذه الكلاب الشرسة التي هاجمتهم وعندما يرى مالك الكلاب بأن المعركة لم تعد في صالح كلابه يتدخل باسم الإنسانية السمحاء و يطالب جوزيف و آدامز بالكف عن استخدام العنف و إيذاء كلابه .
وكما رأينا فإن هذا الفصل يظهر لنا التناقض ما بين إحسان ويلسون و ما بين قسوة الإقطاعي squire the مالك الكلاب .
في الفصل السابع من الجزء الثالث يدعو الإقطاعي squire the أبطال روايتنا إلى منزله حيث نلاحظ تصرفاته الطبقية المقيتة وذلك عندما يقوم بتقديم الطعام لجوزيف و خطيبته فاني في المطبخ بينما يقوم هو بتناول الطعام مع رجل الدين أبراهام آدامز حيث كان يعتقد بأن جوزيف هو خادم أبراهام آدامز .
و كان هذا الإقطاعي كذلك قد أوعز لخدمه أن يقدموا الخمر لجوزيف و خطيبته فاني حيث أنه كان ينوي اغتصاب فاني Fanny على اعتبار أن الخمر يفقد الإنسان نخوته و يجعله عبداً للشهوات بكل أشكالها .
و يظهر لنا هنري فيلدينغ مدى خسة و تفاهة هذا الإقطاعي حيث أنه يقضي وقته في السخرية من الناس و مطاردة الشهوات الدنيئة فنراه يقوم بالسخرية من أبراهام آدامز و استفزازه و إهانته بشتى الطرق إلى أن يفقد أبراهام آدامز أعصابه فيقول رأيه بصراحة فيه و هنا يجيبه الإقطاعي بأنه لو لم يكن رجل دين لكان قطع رقبته .
وبعد ذلك يأتي ذلك الإقطاعي بطبيبٍ مزيف يدعي بأن لديه تسلية من التسليات التي أوصى بها سقراط Socrates , وتنطلي هذه الحيلة على رجل الدين أبراهام آدامز حيث يقوم هذا الطبيب الزائف بنقعه في حوضٍ ماء.
في الفصل الثامن من الجزء الثالث يغادر أبطال الرواية منزل الإقطاعي بينما يقوم خدم الإقطاعي بمحاولة منع فاني Fanny من مغادرة المنزل و لكن جوزيف و آدامز ينجحان في إخراجها من المنزل .
و عندما يعلم الإقطاعي بتمكن فاني من الهرب فإنه يأمر أتباعه بإحضارها إلى المنزل .
ولكن أبطال الرواية يتمكنون من الوصول إلى حانةٍ لشرب المزر alehouse تدعى النزل الجديد The New Inn , و بعد أن يتناولولوا الطعام و بعد أن يشكر آدامز الإله على نعمة الطعام يدخل إلى الحانة قسٌ متخفي من أتباع مذهب الروم الكاثوليك Roman Catholic ولا يلبث هذا القس أن يطلب من آدامز مبلغ ثمانية عشر بنساً ليسدد فاتورة النزل و لذلك فإن آدامز يبحث في جيبه عن قطعة النقد الذهبية التي أعطاها و يلسون له فلا يجدها فيتبين له أنها قد سرقت منه في منزل الإقطاعي الذي تقدم ذكره.

في الفصل التاسع من الجزء الثالث يتمكن أتباع الإقطاعي و خدمه من اقتفاء آثار آدامز و رفاقه حيث يصلون إلى الفندق في الصباح و هنالك يتعارك جوزيف و آدامز معهم و لكن الغلبة تكون لأتباع الإقطاعي حيث يقيدون جوزيف و آدامز و يختطفون فاني Fanny .
في الفصل الحادي عشر من الجزء الثالث يخبر أبراهام آدامز جوزيف بأن على المسيحي أن يتقبل قدره وذلك بعد أن يشكو جوزيف فقدانه لخطيبته فاني .
في الفصل الثاني عشر من الجزء الثالث نجد النقيب the Captain يحذر فاني Fanny من أنها إن لم تسلم نفسها للإقطاعي عن طيب خاطر فإن الإقطاعي سيغتصبها بالقوة .
غير أن رجلين مسلحين بالمسدسات ينقذان فاني و يعتقلان النقيب و بعد ذلك يرافق هذين الفارسين فاني إلى عربة , حيث نجد بأن شخصاً من الطبقة العليا كان ينتظرهما في تلك العربة وهو ( بيتر بونس ) Peter Pounce وكيل أعمال ليدي بوبي Lady booby’s steward , حيث يأخذ فاني في العربة إلى الفندق الذي كان أتباع الإقطاعي قد قيدوا فيه آدامز و جوزيف فيقوم تابع الليدي بوبي بفك قيودهما ثم يعرض على فاني أن تكمل بقية رحلتها في عربته و لكنها ترفض لأنها تريد أن تبقى مع خطيبها جوزيف و أبراهام آدامز .
و ينتهي الجزء الثالث في الفصل الثالث عشر حيث نشهد جدالاً بين بارسون آدامز
Parson Adams و بيتر بونس Peter Pounce وكيل أعمال ليدي بوبي حول موضوع الإحسان حيث يعتبر بيتر بونس بأن أسوأ قانون هو ذلك الذي فرض على كل الأثرياء أن يكفلوا الفقراء و فرض على الأبرشيات Parishes أن تتكفل بفقرائها مدعياً بأن وضعه المالي ليس جيداً كما يبدوا على مظهره , وبعد ذلك يشتد الجدال بينهما حول مسألة الإحسان فيقوم بيتر بونس بتوجيه إهانةٍ إلى رجل الدين آدامز و على إثر ذلك يغادر آدامز عربة بيتر بونس و يلتحق بأصدقائه ليتابع الرحلة معهم إلى الأبرشية .

□ الجزء الرابع BOOK IV
يتضح لنا في هذا الجزء بأن الليدي بوبي مازالت تفكر في جوزيف أندروز وهي الآن تفكر في مغادرة لندن إلى مقرها الريفي المدعو ” بوبي هول” Booby Hall
حيث تفاجأ هناك بوجود بارسون آدامز و جوزيف و خطيبته فاني حيث كان جوزيف و خطيبته فاني يقيمان في منزل أبراهام آدامز .
وفي يوم الأحد تتفاجأ الليدي بوبي كذلك بقيام بارسون آدامز بالإعلان رسمياً عن نية جوزيف أندروز الزواج من فاني ( فرانسيس غوود ويل) Frances Goodwill ولذلك فإنه تقوم لاحقاً باستدعاء بارسون آدامز .

في الفصل الثاني من الجزء الرابع تقوم الليدي بوبي بتحذير بارسون آدامز من صداقة جوزيف أندروز الذي طردته من العمل لديها كما أنها تأمر آدامز بعدم نشر إعلان نية جوزيف و فاني بالزواج مرةً ثانية و هذا يعني حرمانهما من نيل مباركة الكنيسة على زواجهما كما أنها تهدد آدامز بأنه إن لم يقم بذلك فإنها ستطرده من العمل في الأبرشية و لكن آدامز يقول لها بأنها حتى و إن طردته من الأبرشية فإن الإله سيتولاه .
وفي الفصل الثالث من الجزء الرابع تقوم الليدي بوبي باستدعاء المحامي سكوت
Lawyer Scout و تطلب منه أن يمنع جوزيف أندروز و خطيبته فاني من الإقامة في الأبرشية , فيخبرها بأنه سيطلب من القاضي فروليك Justice Frolick أن يودعهما في السجن في لندن.
في الفصل الرابع من الجزء الرابع يقوم أبراهام آدامز للمرة الثانية بنشر إعلان جوزيف و فاني عن نيتهما في الزواج في الكنيسة مما يثير غضب الليدي بوبي , و لكن سليبسلوب Slipslop تخبر الليدي بوبي بأنه تم القبض على جوزيف و فاني لكي يمثلا أمام القاضي فروليك Justice Frolick , كما تتوقع سليبسلوب أن يتم الحكم على جوزيف بالإعدام شنقاً وهنا فإن الليدي بوبي ترغب في طرد فاني من الأبرشية و لكنها ترغب في الإبقاء على جوزيف هناك و في تل الأثناء يصل السيد بوبي Mr Booby ابن عم السيدة بوبي مع زوجته باميلا Pamela شقيقة جوزيف أندروز.

وبمجرد أن يعلم السيد بوبي Mr Booby عن اعتقال شقيق زوجته جوزيف فإنه يزور القاضي الذي كان على وشك إرسال جوزيف و فاني إلى السجن في لندن بتهمة “اللصوصية الإجرامية ” felonious larcenous حيث أنهما أثناء مرورهما في إحدى الحقول قام المجرم جوزيف بقطع غصينٍ من إحدى الأشجار و قدمه لخطيبته المجرمة فاني .
وعلى كلٍ فإن السيد بوبي الذي ينتمي للطبقة العليا يتمكن من إطلاق سراح شقيق زوجته و خطيبته بكلمتين مع القاضي فروليك الذي لا يمارس مهنة القضاء و إنما يمارس مهنة الإتجار بالقانون و حبال المشانق و السجون.
وفي طريق عودتهما إلى السيدة بوبي باعتبارها قد أصبحت الآن ابنة عم زوج باميلا فإنهما يقابلان بارسون آدامز فيدعونه للركوب معهم في عربة الإقطاعي بوبي Squire Booby حيث يخبر الإقطاعي بوبي جوزيف بأنه قد تزوج من شقيقته باميلا و عندما يصلان إلى المنزل يخبر الإقطاعي بوبي الليدي بوبي بأن جوزيف أندروز قد أصبح الأن صهره و يطلب منها أن تعامله كشخصٍ من الطبقة العليا .
ثم يخبر الإقطاعي بوبي صهره جوزيف بأن عليه البقاء مع شقيقته باميلا Pamela بينما يتوجب على خطيبته فاني Fanny أن تعود إلى منزل أبراهام آدامز .
في الفصل السادس من الجزء الرابع يوافق بارسون آدامز على عقد قران جوزيف و فاني يوم الإثنين .
في الفصل السابع يحاول أحد النبلاء اغتصاب فاني Fanny فتقاومه و هنا يحاول خادمه اغتصابها و لكن خطيبها جوزيف يأتي مسرعاً لنجدتها .
وفي الفصل الثامن تحاول السيدة آدامز Mrs Adams زوجة رجل الدين أبراهام آدامز أن تقنع زوجها بعدم نشر إعلان نية جوزيف و فاني في الزواج و ذلك حتى لا يثير ذلك غضب الليدي بوبي.
وفي هذا الفصل يطلب أبراهام آدامز من جوزيف أندروز أن يكون صبوراً حتى ينال زواجه من فاني مباركة الكنيسة و ذلك بأن يتبع الطقوس الكنسية المعهودة في عقد القران و أثناء كلام رجل الدين أبراهام آدامز عن الصبر و الرضا بالقدر يدخل رجلٌ و يصرخ قائلاً بأن ابن أبراهام آدامز الأصغر قد مات غرقاً في النهر وهنا ينسى رجل الدين كل ما قاله لجوزيف آنفاً وينهار تحت وطأة هذا الخبر الذي يتضح لاحقاً بأنه لم يكن خبراً صحيحاً حيث أن أحد البائعين المتجولين pedlar قد تمكن من إنقاذه من الغرق بعد أن سقط في النهر.
وهنا تخبر السيدة آدامز جوزيف بأن لا يصدق زوجها و بأن على الزوج أن يحب زوجته بقدر ما يمكنه .

في الفصل التاسع من الجزء الرابع تحاول الليدي بوبي أن تقرب ما بين فاني
خطيبة جوزيف و بين زير النساء ديدابير Didapper the Beau على أمل أن يتمكن زير النساء هذا من أن يوقعها في غرامه و أن ينسيها جوزيف أندروز كما حدث في رواية ليونورا التي مرت معنا سابقاً .
في الفصل العاشر يبدأ ديك Dick بسرد قصة صديقين هما ليونارد Leonard الثري و صديقه الجندي الفقير بول Paul .
حيث يذهب بول للعيش عند صديقه الثري و هناك يسمع الكثير من الجدل بين صديقه و زوجته و عندما يطلب ليونارد من صديقه النصيحة فإنه ينصحه بأن يكون ليناً مع زوجته وهنا تعتقد زوجة ليونارد بأن بول يقف في صفها ولكنه يخبرها بأن على الزوجة أن تخضع لزوجها – كما ورد في الكتاب المقدس ( أيتها الزوجات إخضعن لأزواجكن خضوعكن للرب)- وهنا يطلب هذين الزوجين من بول أن يكون حكماً في كل خلافٍ ينشأ بينهما فكان بول هذا بعد كل خلافٍ يقع بين هذين الزوجين يخبر الزوجة سراً بأن الحق معها كما كان يخبر الزوج سراً بأن الحق معه إلى أن تمكن هذين لزوجين من اكتشاف أمره .
وفي الفصل الحادي عشر يبدأ زير النساء ديدابير Beau Didapper بالتقرب و التودد إلى فاني Fanny وهنا يفقد جوزيف أعصابه فيقوم بضربه مما يثير انتقاد السيد بوبي Mr Booby و زوجته السيدة بوبي Mrs Booby , وهي بالطبع
باميلا Pamela شقيقة جوزيف المتعجرفة التي كانت تنتقد اختيار شقيقها لزوجة من الطبقة الدنيا كما كانت تعتبر بأن فاني قد أوقعت بشقيقها في حبائلها .
وفي الفصل الثاني عشر يخبر البائع المتجول فاني بأنه يعرف والديها حيث أن إحدى النساء قد اعترفت إليه قبيل موتها بأنها كانت تسافر مع مجموعةٍ من الغجر الذين اختطفوا فتاةً صغيرةً من عائلة أندروز family Andrews ثم قامو ببيعها إلى سير توماس بوبي Sir Thomas Booby كخادمة .
وعندما تسمع فاني هذه القصة يغمى عليها حيث أن ما ورد في هذه القصة يعني بأن
جوزيف و باميلا هما أشقاؤها وهنا يبدي بارسون آدامز سعادته لمعرفة هذا الأمر قبل أن يتزوج جوزيف من شقيقته فاني وقبل أن يرتكبا زنى المحارم incest دون علمهما .
في الفصل الثالث عشر نجد ليدي بوبي تشكو حبها المذل للخادم جوزيف ولكن خادمتها سليبسلوب Slipslop تخبرها بأن بائعاً متجولاً قد ادعى بأن بأن جوزيف و فاني أشقاء و هنا يجتمع الجميع في بوبي هول Booby Hall لسماع قصة
اختطف الغجر لفاني .
وهنا يقول السيد بوبي (زوج باميلا) بأن السيد أندروز Mr Andrews و زوجته سيأتون في صبيحة الغد لتأكيد أو نفي هذه القصة.
في الفصل الرابع عشر يخطط زير النساء ديدابير Beau Didapper للتسلل إلى سرير فاني في الليل مدعياً بأنه جوزيف ولكنه يدخل عن طريق الخطأ إلى حجرة نوم سليبسلوب فتبدأ سليبسلوب بالصراخ فيهب بارسون آدامز لنجدتها
وفي الظلمة يظنها رجلاً فيبدأ بالعراك معها بينما يهرب زير النساء ديدابير
و لكن القصة الحقيقية تضح عندما يتم العثور في غرفة سليبسلوب على ملابس
ديدابير الفاخرة التي تركها ورائه.
وهنا يعود أبراهام آدامز إلى غرفة نومه ولكنه يدخل عن طريق الخطأ إلى غرفة نوم فاني و ينام بجوارها و عندما يدخل جوزيف إلى الغرفة ويرى بارسون آدامز نائماً بجوار فاني فإنه يشعر بالغضب و لكنه يتفهم الموقف لاحقاً .
في الفصل الخامس عشر يصل السيد أندروز و زوجته و هنا تقول السيدة أندروز بأن فاني هي ابنتها , حيث أن السيد أندروز كان مسافراً إلى الخارج عندما كانت زوجته حاملاً بفاني التي قام الغجر gypsies باختطافها بعد ولادتها حيث تركوا صبياً مكانها و هذا الصبي الذي وضعه الغجر مكان فاني هو جوزيف أندروز الذي قامت السيدة أندروز بتربيته و كأنه ابنها .
وهنا يدعي البائع المتجول بأن جوزيف أندروز هو ابن السيد ويلسون Mr Wilson الذي قام الغجر gypsies باختطافه , ثم بعد أن مرض قاموا باستبداله بفاني Fanny التي أخذوها ووضعوه بدلاً منها , وعندما وصل السيد ويلسون Mr Wilson وسمع بالقصة أكد صحتها من خلال علامة ثمرة الفراولة strawberry الموجودة على صدر جوزيف .

في الفصل السادس عشر يوافق والد جوزيف على زواج ابنه من فاني حيث يقوم أبراهام آدامز بعقد زواجهما في الكنيسة .
و أثناء قيام بارسون آدامز بإتمام مراسم الزفاف يقوم بتوبيخ السيد بوبي Mr Booby و زوجته باميلا Pamela بسبب ضحكهما داخل الكنيسة .
وبعد ذلك يعطي السيد بوبي لفاني مبلغ ألفي جنيه , كما يعرض السيد بوبي Mr Booby على بارسون آدامز وظيفةً أفضل من وظيفته الحالية و لكن آدامز يرفض في البداية و لكنه يوافق عليها على أن يستخدم جزءاً من دخلها في توظيف كاهن ٍ يساعده في إدارة أعمال أبرشيته .
□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□
جوزيف أندروز Joseph Andrews هو كما كان يعتقد ابن عائلة أندروز
Andrews و شقيق باميلا Pamela , وقد اتضح لاحقاً بأنه ابن السيد ويلسون Mr Wilson حيث أن الغجر قد قاموا باختطافه عندما كان طفلاً رضيعاً ثم استبدلوه بفاني ابنة السيدة أندروز التي قامت بتربيته و كأنه ابنها الحقيقي .
ولكن والده الحقيقي السيد ويلسون كان يستطيع تمييزه من خلال علامة شبيهة بثمرة الفراولة موجودةً على صدره , وعندما بلغ جوزيف السابعة عشرة من عمره أصبح خادماً لليدي بوبي.
لقد مهد هنري فيلدينغ منذ بداية الرواية لفكرة أن يكون جوزيف أندروز ابناً للسيد و يلسون ففي الفصل الثاني من الجزء الأول حين قدم لنا جوزيف بعبارة أنه يعتقد أو يحسب ‘was esteemed to be ‘بأنه الابن (الذكر) الوحيد للسيد و السيدة أندروز ثم نجد السيد ويلسون Mr Wilson يقول لاحقاً :
‘ within three years of my arrival here I lost my eldest son …he was stolen away from my door by some wicked travelling people whom they call Gypsies;nor could I ever with the most diligent search recover him’ (Book III,Chapter 3).
“خلال ثلاثة أعوامٍ من وصولي هنا فقدت إبني البكر … حيث أن مجموعةً من المسافرين الأشرار الذين يدعون بالغجر قد قامت باختطافه من منزلي , ولم استطع استعادته بأكثر أشكال البحث المجتهد ”
وقد بدأ لغز اختطاف ابن السيد ويلسون يتكشف عندما قام البائع المتجول pedlar في الفصل الخامس عشر من الجزء الثالث بالكشف عن عائلة جوزيف أندروز الحقيقة .
وعلينا ألا ننسى بأن هذه الرواية تتحدث في نهاية الأمر عن قصة حياة جوزيف أندروز و لذلك فإن هذه الرواية و في بداياتها الأولى أي في الفصل الثاني من الجزء الأول تتحدث عن نشأة جوزيف أندروز و تعطينا بعض التلميحات إلى أن جوزيف أندروز قد لا يكون ابناً لعائلة أندروز , ثم في الفصل ما قبل الأخير أي في الفصل الخامس عشر من الجزء الرابع تكشف لنا والد جوزيف أندروز الحقيقي.
أما فاني غوودويل Fanny Goodwill فهي ابنة السيد و السيدة أندروز
أي أنها شقيقة باميلا.
وكما هي حال جوزيف فقد قام الغجر باختطافها عندما كانت رضيعة وعندما بلغت الثالثة من عمرها تم بيعها للسير توماس بوبي Sir Thomas Booby
حيث تمت تنشئتها كخادمة عند عائلة الليدي بوبي .
لقد التقى جوزيف مع خطيبته فاني للمرة الأولى (في هذه الرواية) في منتصف الرواية ففي الفصل الثاني عشر من الجزء الثالث يقوم بيتر Peter باصطحاب فاني إلى خطيبها جوزيف بعد أن يقوم بإنقاذها من النقيب the Captain أحد أتباع الإقطاعي الفاسد والذي كان يحاول تمكين ذلك الاقطاعي من اغتصاب فاني .
باميلا أندروز Pamela Andrews هي شقيقة جوزيف أندروز التي اتضح لاحقاً بأنها شقيقة فاني علماً أن هنري فيلدينغ قد استعار شخصية باميلا من رواية باميلا أو ثواب العفة لسامويل ريتشاردسون Samuel Richardson’s Pamela /Virtue Rewarded (1740) وباميلا هي الخادمة العفيفة التي تحافظ على شرفها إلى درجةٍ تثير الإعجاب و تدفع بالسيد الذي تعمل لديه إلى الزواج منها .
لقد كان جوزيف أندروز ينظر إلى شقيقته باميلا دائماً كنموذجٍ يحتذى في الطهر و العفة , وقد كان جوزيف أندروز يعتقد في البداية بأن شقيقته باميلا ستتزوج من رجل الدين ويليامز Parson Williams و لكنها تزوجت من الإقطاعي بوبي
Squire Booby , و لكن الغريب في الأمر أن الخادمة باميلا بعد زواجها من الإقطاعي الثري بوبي قد اعترضت على زواج شقيقها جوزيف من الخادمة فاني لأسباب طبقية على اعتبار أن فاني قد أصبحت أدنى منهم اجتماعياً
” social inferior” حسب رأيها .
لقد ظهرت باميلا للمرة الأولى في هذه الرواية بعد زواجها من الإقطاعي بوبي
Squire Booby , وكانت تعامل شقيقها جوزيف بحنانٍ وحبة بخلاف معاملتها لخطيبته فاني , فقد شعرت بالغيرة من الهدية الثمينة التي قدمها زوجها لفاني بمناسبة زفافها كما كانت تقول بأن فاني كانت في الماضي مساويةً لي
‘was my equal’ و لكنها قد أصبح الآن دونها في المستوى الاجتماعي ( حسب رأيها) بعد زواج باميلا من الإقطاعي , ولكنها تكتشف في النهاية بأن فاني هي شقيقتها .
السيد ويلسون Mr Wilson هو والد جوزيف أندروز وقد كان وريثاً قاصراً لوالده الثري وعندما بلغ السابعة عشرة من عمره سافر إلى لندن و قام بتبديد ثروة والده هناك على شرب الخمر و لعب القمار و بائعات الهوى و الحفلات و أصدقاء السوء
وعندما تعرض للإفلاس تقوم إحدى الفتيات بمساعدته والوقوف إلى جانبه بعد أن تخلى الجميع عنه و لذلك فقد تزوج تلك الفتاة و عاش معها في منطقةٍ نائية في الريف بعيداً عن الناس وقد حدث لاحقاً أن قام الغجر باختطف ابنه البكر جوزيف أندروز.
السير توماس بوبي الذي تقدم ذكره هو عم السيد جون بوبي Mr John Booby و زوج الليدي بوبي وقد كان شخصاً مادياً حيث كان يقيم الناس وفقاً لمظهرهم الخارجي و ثرواتهم , وقد مات السير توماس بوبي بشكل مبكر في هذه الرواية و تحديداً في الفصل الخامس Chapter 5 من الجزء الأول Book I .
أما الليدي بوبي فهي زوجة السير توماس بوبي وقد كانت تتحرش بخادمها جوزيف أندروز في لندن بعد موت زوجها وعندما تفشل في نيل مأربها منه فإنها تطرده من منزلها و بعد ذلك تحاول منعه من الزواج من فاني .
لقد كانت الليدي بوبي تعاني من التمزق بين وضعها الاجتماعي كسيدة ارستقراطية و بين شغفها المذل بخادمها جوزيف أندروز , و كما رأينا في هذه الرواية فإن لليدي بوبي هوايتين اثنتين و هما مطاردة الرجال و التحرش بهم ولعب الورق .

السيدة بوبي Lady Booby هي شخصية غير متوازنة نفسياً و تعاني من تمزقٍ نفسي شديد فهي لم تكن مخلصةٍ لزوجها فقد كانت تتحرش بجوزيف أندروز كما أنها كانت تقيم علاقةً مع نقيب شاب في سلاح الفرسان Captain of dragoons’ و بالتالي فإنها تمثل نموذجاً معاكساً لنموذج العفة و الإخلاص الذي يمثله جوزيف و فاني .
وهذه النماذج المتعاكسة من نماذج السلوك نجدها بكثرةً في هذه الرواية فنجد مثلاً بأن سلوك رجل الدين أبراهام آدامز معاكسٌ تماماً لسلوك رجلي الدين بارسون بارناباز Parson Barnabas و بارسون تروليبار Parson Trulliber .
كما نجد في هذه الرواية سخريةً شديدةً من الأشخاص الذين يقولون ما لا يفعلون ولا تتطابق أقوالهم مع أفعالهم ففي الفصل التاسع من الجزء الثاني نجد شخصاً يحدث
أبراهام آدامز بشكلٍ مطول عن الشجاعة و الإقدام ثم يقول بأنه حرم ابن أخيه من الميراث لأنه يعتقد بأنه شخصٌ جبان , و أثناء كلام هذا الرجل يسمعان صرخة استغاثة و عنده يهرب هذا الرجل مسرعاً مع أنه يحمل بندقية وهو يقول لأبراهام آدامز بهلع :
‘ Do you consider this gun is only charged with shot,and that the robbers are most probably furnished with pistols loaded with bullets? This is no business of ours ;let us make as much haste as possible out of the way ,or we may fall into their hands ourselves.’
” ألا تقدر بأن هذه البندقية محشوة بخرطوشة واحدة بينما أولئك اللصوص على الأغلب يحملون مسدساتٍ محشوة بعدة طلقات ؟ هذا الأمر لا يخصنا فلنهرب بعيداً عن هذا الطريق بأسرع ما يمكن و إلا فإننا نحن كذلك سنقع في أيديهم ”
ولكن أبراهام آدامز و بخلاف هذا المدعي اتجه ناحية الصوت وهو غير مسلحٍ إلا بعصا حيث اشتبك مع تلك العصابة و أنقذ فاني من الاغتصاب .

السيدة سليبسلوب هي وصيفة الليدي بوبي وهي تنحدر من الطبقة العليا كما أنها مدعية علم حيث أنها تناقش أبراهام آدامز في المسائل اللاهوتية وهي دائماً ما تستخدم اللغة بشكلٍ خاطئ حيث نراها تشير للأشياء بتسمياتٍ أخرى خاطئة malapropismsمشابهة لها في اللفظ , كما أنها تمتاز بملامح مضحكة وقد وقعت في غرام جوزيف أندروز و تحرشت به بل إنها حاولت كذلك اغتصابه بالقوة .
أما بيتر بونس Peter Pounce فهو وكيل أعمال ليدي بوبي و الذي أصبح غنياً من خلال تأخره في صرف الرواتب للخدم حيث كان يقرض تلك الرواتب بفوائد ربوية عالية .
زير النساء ديدابير Beau Didapper يمثل شخصية الغندور dandy صائد النساء التي كانت سائدةً ما بين القرنين السابع عشر و الثامن عشر .
وكانت الليدي بوبي قد طلبت منه أن يقوم بمحاولة إيقاع فاني في حبائلة لإبعادها عن جوزيف و عندما لم يتمكن من ذلك حاول اغتصابها و لكنه بدلاً من الدخول إلى غرفتها دخل إلى غرفة الوصيفة المضحكة سليبسلوب ذات الهيئة الدميمة .
لقد استوحى هنري فيلدينغ شخصية زير النساء ديدابير Beau Didapper من شخصية لورد هيرفي Lord Hervey (1696-1743) وهو أحد حاشية الملك
المخنثين sissy وقد كان مفضلاً عند الملكة كارولين Queen Caroline كما أنه كان عضواً قوياً و بارزاً في مجموعة ويلبول Walpole في مجلس اللوردات
The House of Lords , وقد اشتهر لورد هيرفي هذا باستخدامه لمساحيق التجميل و ولعه بالملابس الفرنسية , وقد استوحى الشاعر الكسندار بوب من لورد هيرفي هذا شخصية سبوراس Sporus التي قدمها في عمله المعنون رسالة إلى دكتور أربوثنت Epistle to Dr Arbuthnot .

في الفصل الثاني من الجزء الثالث نرى رجل الدين بارسون آدامز يحدث جوزيف عن ضرورة أن يكون الإنسان صبوراً و أن يستسلم لقدره و يسلم أمره لخالقه .
و عندما كان جوزيف يشكوا اختطاف خطيبته فاني و يبدي خشيته من أن تتعرض للاغتصاب فإن أبراهام آدامز يخبره بأن من واجب المسيحي أن يستسلم لقدره لأن الإنسان لا يعرف الغاية الكبرى من المصائب التي يتعرضها له كما أنه لا يفهم طرق العناية الإلهية Divine Providence .
ثم نجد آدامز يقول لجوزيف :
‘ All passions are criminal in their excess, and even love itself, if it is not subservient to our duty , may render us blind to it ‘
Book IV , Chapter 8))
” كل العواطف آثمة عندما تكون مفرطة , بما في ذلك الحب نفسه , إن لم يكن في خدمة واجبنا , حيث أنه قد يجعلنا نتعامى عن ذلك الواجب”
و لتأكيد ضرورة الاستسلام و الرضا بالقدر الإلهي فإنه يتحدث عن إبراهيم
Abraham الذي أطاع أمر الله بالتضحية بابنه ( اسحق ) Isaac ثم نصح جوزيف بألا يضع كل عواطفه في فاني ثم قال :
‘ Now believe me , no Christian ought to set his heart on any person or thing in this world , but that whenever it shall be required or taken from him in any manner by divine Providence , he may be able , peaceably , and contentedly to resign it.’
” الآن صدقني بأنه لا يتوجب أن يتعلق قب المسيحي بأي شخصٍ أو شيءٍ في هذا العالم وذلك حتى يستطيع أن يتقبل بقناعة و استسلام حرمان العناية الإلهية له من ذلك الشخص أو الشيء”
و لكن رجل الدين أبراهام آدامز لا يلبث أن ينهي جملته هذا حتى يأتي من يبلغه على عجل بأن ابنه الأصغر قد غرق في النهر وهو الخبر الذي يفقده تماسكه و يصيبه بالإنهيار , وعندما يتقدم جوزيف لمواساته على مصابه يجيبه أبراهام آدامز بقوله ”
‘ do not go about impossibilities. Had it been any other of my children I could have born it with patience.’
” لاتحاول مواساتي عبثاً , فلو كان أي ولد آخر من بين أولادي لكنت احتملت ذلك بصبر ”

رواية ريتشاردسون المسماة (باميلا) أو ثواب العفة هي روايةُ من روايات أدب المراسلات an epistolary novel وهي الروايات التي يتم سرد أحداثها ووقائعها من خلال رسائل بريدية يتم تبادلها بين أبطال الرواية , وهذا ما نجده في رواية باميلا حيث أن هذه الرواية قد تم سرد أحداثها من خلال الرسائل التي كانت بطلتها باميلا تكتبها إلى والديها .
و باميلا هذه هي خادمةً تمكنت من الحفاظ على عفتها و طهرها أمام محاولات السيد Mr B- الذي تعمل عنده للنيل منها ومن شرفها إلى أن يعجب في النهاية بمدى عفتها و يتزوجها .
وعلى الرغم من أن ريتشاردون قد قدم لنا باميلا على أنها مثالٌ للشرف و العفة فإن من الممكن أن ننظر للمسألة من ناحيةٍ مختلفة وهي أن باميلا كانت تحافظ على عفتها و طهرها ليس من أجل العفة و إنما للوصول إلى هدفٍ مشروعٍ آخر وهو الزواج من رجلٍ أعلى منها في السلم الاجتماعي مما يمكنها من تحسين وضعها الاجتماعي وهذا ما يشير إليه العنوان الفرعي the subtitle في راية باميلا أي
ثواب العفة Virtue Reward حيث أننا نجد بأن ثواب عفة باميلا لم يكن ثواباً روحياً و إنما كان على شكل مكافئةٍ مادية أي زواجها من رجلٍ ثري وهو الأمر الذي مكنها من تحسين وضعها الاجتماعي .
غير أن أسلوب المراسلات the epistolary الذي استخدمه ريتشاردسون في رواية باميلا لم يكن يروق لهنري فيلدينغ الذي كان يرى بأن هذا الأسلوب فيه الكثير من الإطناب long-winded أي الإطالة و التكرار و استخدام كمٍ كبيرٍ من الكلمات و الصفات تحديداً للتعبير عن مقدارٍ ضئيلٍ من الأفكار .
و كذلك فإن هنري فيلدينغ كما ذكرت سابقاً كان يرى بأن حفاظ باميلا على عفتها و شرفها كان لا يمثل الفضيلة المسيحية بقدر ما كان يمثل استراتيجيةً للحصول على زوجٍ ثري و تحسين الوضع الاجتماعي و لذلك فقد قام هنري فيلدينغ بكتابة محاكاة ساخرة parody لرواية باميلا دعاها (شاميلا)
Shamela , و في الوقت الذي ادعى فيه سامويل ريتشاردسون بأنه كان محرر الرسائل التي كانت بطلة روايته باميلا ترسلها إلى والديها نجد بأن هنري فيلدينغ قد زعم بأن رواية شاميلا تتألف من الرسائل الحقيقية لبطلة الرواية شاميلا , أي الرسائل التي لم يجرى عليها أي تحريرٍ أو تحوير .
وقد كانت باميلا في رواية ريتشاردسون تستخدم في مراسلاتها الزمن الحاضر
لتسرد الأحداث التي تعايشها و كذلك كانت حال شاميلا , كما أن هنري فيلدينغ قد قام في رواية شاميلا بالمحاكاة الساخرة burlesque لمعظم الأحداث التي وقعت في رواية باميلا .
هذا كان حال رواية شاميلا Shamela لهنري فيلدينغ , أما رواية جوزيف أندروز فإنها لا تعتبر بأي حالٍ من الأحوال بمثابة تقليد ساخر أو محاكاة سخرة
Parody/burlesque لرواية باميلا Pamela التي كتبها بالطبع سامويل ريتشاردسون بالرغم من أنه في بعض الموضع في هذه الرواية كان يسخر من باميلا بطلة رواية ريتشاردسون .

ومن الملاحظ بأن باميلا كانت شخصيةً ثانوية في رواية جوزيف أندروز فهي لم تلعب دوراً يذكر في أحداث هذه الرواية كما أن ظهورها قد تأخر كثيراً حيث ظهرت في الفصل الرابع Chapter 4 من الجزء الرابع و الأخير Book IV , كما أنها قد بقيت شخصيةً ثانويةً بعد ظهورها المتأخر هذا , كما نلاحظ بأن تصوير هنري فيلدينغ لباميلا كان مشابهاً لتصويره لبقية الشخصيات المنافقة و المدعية التي قابلها جوزيف أندروز في رحلته فقد كانت تمثل شخصية المنتفخ حديث النعمة الذي وضعته الظروف في موقعٍ لا يستحقه .
لقد أتى ذكر باميلا للمرة الأولى في البدايات الأولى لهذه الرواية أي في الفصل الأول Chapter 1 من الجزء الأول Book I .
وفي الفصل الثالث Chapter 3 من الجزء الأول Book I نجد بأن وضع جوزيف أندروز قد أصبح مماثلاً لوضع شقيقته حيث أن الليدي بوبي قد أتت به إلى لندن ليصبح خادماً شخصياً لها هناك .
في رواية باميلا لريتشاردسون نجد بأن السيد الثري Mr B- قد بدأ بالتحرش بالخادمة باميلا بعد موت زوجته و كذلك هي الحال في رواية جوزيف أندروز
حيث نجد بأن الليدي بوبي قد بدأت بالتحرش بخادمها جوزيف بعد موت زوجها وذلك في محاكاةً ساخرة parody لما جرى في الفصلين الرابع و التاسع من الجزء الأول من رواية باميلا , أي محاولات التحرش التي قام بها السيد الثري بباميلا .

وكما هي حال باميلا فقد استعصم جوزيف و تمنع أمام محاولات التحرش التي كانت تقوم بها الليدي بوبي و بشكل مشابهٍ كذلك لما كانت تقوم به باميلا التي كانت تكتب رسائل لوالديها تخبرهم بها عن تحرش السيد بها فقد كان جوزيف أندروز يكتب رسائل لشقيقته باميلا حيث كان في تلك الرسائل يطلع شقيقته على تحرش الليدي بوبي به (الفصلين السادس و العاشر من الجزء الأول) حيث نجد بأن جوزيف في رسالته الأولى يذكر رجل الدين ويليامز Parson Williams و هو الشخص الذي كان هنري فيلدينغ في رواية شاميلا Shamela يدعي بأنه كان عشيق باميلا قبل أن يتزوجها السيد ب Mr B- .
وبخلاف رواية باميلا التي تصبح بطلتها باميلا في النهاية سيدة مجتمع نجد بأن جوزيف أندروز قد اعتزل الحياة الإجتماعية بعد زواجه و فضل العيش في منطقةٍ نائية في الريف بعيداً عن حفلات و صالونات الطبقات الثرية من المجتمع .

وفي الفصل الثامن من الجزء الأول تغضب الليدي بوبي نتيجة تمنع جوزيف أندروز وصده لها فتقول ” هل سبق لشخص أن سمع عن عفة الرجل ”
” Did ever mortal hear of a man’s virtue’ فيجيبها جوزيف بقوله :
‘ Madam…that boy is the brother of Pamela ,and would be ashamed ,that the chastity of his family,which is preserved in her,should be stained in him.’
” سيدتي… هذا الفتى هو شقيق باميلا الذي سوف يشعر بالخزي إذا تلطخ على يديه شرف العائلة الذي صانته “(شقيقته باميلا).
إن هنري فيلدينغ قد ذكر في أكثر من موضع المصير المشؤوم الذي ينتظر الأشخاص الذين ينغمسون في الشهوات بمن فيهم من قاموا بأعمل الإحسان مثل خادمة الفندق بيتي Betty التي سبق أن ساعدت جوزيف حيث نجد بأنها قد أصيبت بمرضٍ فيروسي venereal disease , كما نجد مثل هذه العواقب في قصتي ويلسون Wilson و ليونورا Leonora .
إن الشخصيات الشريرة في هذه الرواية تحاول ابتزاز الشخصيات الأخرى للوصول
لأغراضٍ شهوانية خسيسة وعندما يفشل الابتزاز و الإغواء فإن تلك الشخصيات الشريرة تلجأ إلى محاولة الاغتصاب باستخدام العنف و القوة .
لقد وضع هنري فيلدينغ أبطال روايته هذه أمام ما يدعى بخيار هرقل
The Choice of Hercules وهو من المواضيع الشائعة في الميثولوجيا الكلاسيكية classical mythology كما أننا نجد هذا الموضوع بكثرة في الأعمال الأدبية في القرنين السابع عشر و الثامن عشر , ووفقاً لتلك الأسطورة القديمة فإن هرقل قد واجه على مفترق إحدى الطرق إمرأتين الأولى ترمز للمتعة أما الثانية فكانت ترمز للفضيلة , وكان عليه أن يختار بين طريق المتع الساقطة و حياة الملذات و الثروة و بين طريق الفضيلة و المجد , وعلى هذا الأساس فإن هنالك تشابهاً بين هرقل Hercules و بين جوزيف أندروز بطل هذه الرواية الذي اختار طريق العفة الذي تمثله فاني و ابتعد عن طريق المتعة الذي تمثله الليدي بوبي .

الموضوع الثاني في هذه الرواية هو موضوع الإحسان وما يقوم به بعض الأشخاص المتدينين من فصل عقائدهم الدينية عن حياتهم العملية مع أننا نعلم بأن كل شخصٍ يرفع شعاراً معيناً أو يدعي فكرةً معينة و لا يعمل بها فهذا يعني بأن هذه الفكرة هي فكرةٌ ميتة فعلياً و ساقطة بالنسبة لذلك الشخص .
ففي الفصل الثاني عشر من الجزء الأول يتعرض جوزيف للضرب كما تسرق أمتعته و ملابسه و يرمى به وهو فاقدٌ للوعي على قارعة الطريق و عندما تمر عربة ركابٍ بجواره فإن ركاب العربة يرفضون مساعدته باستئناء الحوذي postillion الفقير حيث يعطيه معطفه .
و بعد أن يؤخذ إلى الفندق تقوم الخادمة بيتي Betty بتقديم المساعدة له و تعطيه بعض الملابس في الوقت الذي كانت فيه زوجة صاحب الفندق السيدة تو-وز Mrs Tow-wouse تبدي اعتراضها على تقديم المساعدة لجوزيف حيث أن زوجة صاحب الفندق كانت ترى بأن الإحسان هو ما يقدمه الشخص لنفسه و لعائلته وليس ما يقدمه للغير .
وفي الفصل الرابع عشر من الجزء الثاني يحتاج أبطال الرواية الثلاثة آدامز و جوزيف و فاني لدفع فاتورة الليلة التي قضوها في النزل و لذلك فإن رجل الدين بارسون آدامز Parson Adams يطلب العون من رجل الدين بارسون تروليبار
Parson Trulliber و لكن بارسون تروليبار يطلب من زوجته أن تقدم شراب المزر ale الأكثر سوءاً لآدامز و عندما يطلب آدامز منه أن يقرضه سبعة شلنات
Seven shillings فإن رجل الدين تروليبار يهدده بأنه سيجعل السلطات تعاقبه بتهمة التشرد .
ثم يخبره بارسون آدامز بأن الأخوة المسيحية تحتم عليه أن يمد له يد الإحسان حتى و إن لم يكن رجل دين و عندها يدعوه رجل الدين تروليبار للعراك لإثبات من هو المسيحي الحقيقي .
وبخلاف رجل الدين تروليبار عديم الإحسان فإن أحد البائعين المتجولين pedlar
يشعر بالتعاطف مع حال أبراهام آدامز و يقرضه كل ما معه من نقود وهو مبلغٌ كان بالكاد يكفي لتغطية فاتورة الفندق .
وفي الفصل السادس عشر من الجزء الثاني يحتاج أبطال روايتنا للمال لدفع فاتورة
فندقٍ آخر و لكن صاحب هذا الفندق يرضى بأن يتم السداد في وقتٍ لاحق بل إنه يعرض عليهم المزيد من الخدمات كذلك و ذلك بخلاف صاحب الفندق السابق الذي كان يهددهم بالسجن إن لم يدفعوا ما ترتب عليهم من مال.
لقد قدم لنا هنري فيلدينغ في هذه الرواية نمطين من الشخصيات , النمط الأول هو ذلك الذي يؤمن بأن الخلاص يتحقق من خلال الإحسان و العمل الصالح good works أما النمط الثاني من الشخصيات فهي الشخصيات التي تخالف أقوالها أفعالها , ولا تعقد أية أهمية على العمل الصالح أو الإحسان و تعتقد بأن مجرد الإيمان بيسوع يكفي لتحقيق الخلاص .

وفي الفصل السابع عشر من من الجزء الأول يبدي رجل الدين أبراهام آدامز إعجابه بوايتفيلد Whitefield الذي كان يرغب في إصلاح رجال الدين و الكنيسة
ولكنه يفقد إعجابه بوايتفيلد عندما يعلن هذا الأخير بأنه يؤمن بأن الإيمان (بيسوع المخلص) هو أهم من العمل الصالح good works .
لقد كان آدامز يعتقد بأن ” التركي أو الوثني الفاضل و الطيب هما أكثر قبولاً في نظر خالقهما من المسيحي الخبيث و الشرير ”
‘ a virtuous and good Turk, or heathen ,are more acceptable in the sight of their creator ,than a vicious and wicked Christian’
أما رجل الدين بارسون تروليبار Parson Trulliber فهو مثالٌ عن التأثير السيء الذي ينتج عن الإيمان بلا عمل فهو رجل دينٍ مهملٍ لكنيسته كما أنه رفض الإحسان لأبراهام آدامز ثم طرده من منزله عندما قال له هذا الأخير بأن الإيمان بلا عمل لا يؤدي إلى الخلاص وهي المقولة التي أفقدت بارسون تروليبار صوابه فصرخ فيه:
‘ Does thou speak against faith in my house? Get out of my doors,I will no longer remain under the same roof with a wretch who speaks wantonly of faith and scriptures.”
” هل تتكلم بسوءٍ عن الإيمان في منزلي؟ أخرج من منزلي , فلن أقبل بالمكوث تحت سقفٍ واحد مع بائسٍ يتحدث بعبثية عن الإيمان و الأناجيل .”

يمكن القول بأن الأسلوب الذي اتبعه هنري فيلدينغ في كتابة هذه الرواية كان نوعاً ما أسلوباً عشوائياً حيث تتضمن هذه الواية الكثير من المتناقضات و الأحداث المتنوعة المتداخلة مع بعضها و الروايات التي تم إقحامها ضمن الحبكة الرئيسية بالإضافة إلى الطريقة التي تظهر فيها شخصيات الرواية و تختفي ومن ثم تعاود الظهور حسب الحاجة .
أما الهدف الرئيسي من هذه الرواية فكان التوجيه و الإمتاع حيث أن النظريات الأدبية في عصر النهضة Renaissance و القرن الثامن عشر كانت تشدد على ضرورة أن يهدف العمل الأدبي إلى كلٍ من التوجيه الأخلاقي و الإمتاع بحيث يكون ظاهر الرواية الإمتاع و التسلية بينما يكون باطنها التوجيه الأخلاقي .
لقد درج كتاب الأعمال الملحمية في عصر النهضة the Renaissance epic على استخدام حبكات ثانوية sub-plots و الاستطراد digression في أعمالهم وبالمثل فإن هنري فيلدينغ قد استخدم هذه التقنيات في غير موضعٍ من هذه الرواية
فنجد ضمن الحبكة الرئيسية رواية ليونورا في الفصلين الرابع و السادس من الجزء الثاني Book II Chapter 4,6 the ‘History of Leonora’
حيث تشكل قصة ليونورا نموذجاً معاكساً لحال جوزيف و خطيبته فاني حيث أن فاني بقيت مخلصةً لجوزيف بالرغم من سفره و معيشته في لندن بينما نجد بأن ليونورا قد وقعت في حب بيلارمين Bellarmine خلال الفترة التي غاب فيها هوريشو Horatio .
فاني حافظت على عفتها و طهرها بينما أصبحت ليونورا lمحظيةً ً لبيلارمين
Bellarmine’s mistress و عاشت معه دون زواج .
جوزيف أندروز كان يبدو فقيراً و لكن اتضح في نهاية الرواية بأنه ابن رجلٍ ثري بخلاف بيلارمين الذي كان يدعي الغنى و الثروة بينما كان في حقيقة الأمر يستخدم المظاهر الكاذبة لكي يحظى بمهر زوجةًٍ ثرية .
وفي النهاية يتزوج جوزيف و فاني و يعيشان حياةً هادئة بينما ينبذ المجتمع ليونورا
بعد أن ساءت سمعتها نتيجة معيشتها مع بيلارمين بلا زواج و لذلك فإنها تمضي بقية حياتها وحيدةً و بائسة .
و في النهاية فإن رواية ليونورا تحذرنا من الوثوق بالمظاهر كما تحذرنا من عواقب التفريط بالعفة و السمعة .

كما نجد رواية ويلسون في الفصل الثالث من الجزء الثالث Wilson’s tale
Book III Chapter 3 و قصة ليونارد و بول Leonard and Paul قي الفصل العاشر من الجزء الرابع .

إن المسألة الدينية تشكل ركناً أساسياً في رواية جوزيف أندروز وهنالك الكثير من الإشارات في هذه الرواية لأحداث و شخصيات ذكرت في الكتاب المقدس ففي الفصل الثاني عشر من الجزء الأول مثلاً بعد أن يتعرض جوزيف للسرقة و الضرب المبرح من قبل اللصوص و عندما تمر عربة مسافرين بالقرب منه يرفض ركاب العربة مساعدته , ولكن الحوذي the postillion يخلع معطفه و يقرضه لجوزيف الذي سرق اللصوص ملابسه حتى يمكنه من الركوب في العربة التي كانت تحوي إحدى السيدات .
وما من شك في أن هنالك تماثلاً بين هذه الحادثة و بين قصة السومري الطيب
The Good Samaritan التي وردت في إنجيل لوقا ( 10:30-7)
(Luke 10:30-7) ,حيث يتحدث المسيح عن الرجل الذي المسافر الذي يسرق اللصوص ملابسه و يصيبوه بالجراح , و عندما يمر بعض الأشخاص بالقرب من هذا الشخص الجريح ( وهم على الأغلب من اليهود) فإنهم يتجاهلوه و يرفضون مساعدته و لكن شخصاً سامرياً Samaritan يساعد هذا الجريح و يمد له يد العون .

وفي الفصل التالي أي في الفصل الثالث عشر من الجزء الأول عندما يؤخذ جوزيف إلى النزل inn نجد بأن الخادمة بيتي Betty تمد له يد المساعدة بخلاف السيدة تو- وز Tow-wouse Mrs زوجة صاحب الفندق و بخلاف زوجها المغلوب على أمره .
وفي الفصل الثامن من الجزء الرابع نجد إشارةً إلى ما ورد في سفر التكوين
Genesis 22:1-18 وذلك حين يؤكد أبراهام آدامز لجوزيف بأن إيمان ” إبراهيم” Abraham بالله اقتضى منه أن يمتثل لأوامره و أن يضحي بابنه اسحق Isaac و لكن أبرهام آدامز لايكاد يفرغ من كلامه هذا حتى يدخل أحدهم على عجل و يخبره بأن ابنه الأصغر قد غرق , وهنا بدلاً من أن يستسلم أبراهام آدامز لقدره فإنه يبدأ بالنحيب و العويل – و كما أنجا الله اسحق فإنه ينجي ابن أبراهام الأصغر
ديك Dick من الموت غرقاً حيث يتبين لاحقاً بأنه ما زال حياً , وهنا يتبدى لنا التناقض بين أبراهام آدامز الأب و بين أبراهام آدامز البطريارك the patriarch Abraham Adams .

و أخيراً لابد من الإشارة إلى الدلالات الدينية لأسماء شخصيات هذه الرواية حيث تذكرنا شخصية جوزيف Joseph و عفته بالنبي ( يوسف ) Joseph
الذي أتى ذكره في الكتاب المقدس كمثالٍ للعفة و الطهر وفقاً لما ورد في سفر التكوين
Genisis 39:7-20 , أما أبراهام آدامز Abraham Adams فإنه يذكرنا
بالنبي إبراهيم Abraham مثال الإيمان كما يذكرنا اسمه الثاني بآدم Adam
أول رجلٍ في سفر التكوين Genesis .

□ السامري Samaritan نسبةً إلى بلدة السامرة Samaria وهي إحدى مدن فلسطين
Palestine القديمة و قد أصبحت عبارة ” السامري الطيب ” good Samaritan تطلق
على الغريب الذي يمد يد العون و المواساة .

أخيراً لابد من الإشارة إلى الطريقة التي قدم فيها هنري فيلدينغ في هذه الرواية مدينة لندن كمرتعٍ للعهر و الفساد و بيع و شراء الذمم فقد كتب جوزيف رسالة إلى شقيقته باميلا يقول فيها :
‘ London is a bad place ,and there is so little good fellowship, the next-door neighbors don’t know one another’
” لندن مكان سيئ, فهنالك القليل جداً من الأصدقاء الطيبين , و الجيران ذوي الجنب لا يعرف بعضهم بعضاً ”

□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□□

■ هوامش :
□ كولي سيبر Colley Cibber : كان كولي سيبر Colley Cibber (1671-1757) شاعراً فاشلاً و لكن الفساد و المحسوبية قد جعلا منه شاعراً للبلاط Poet Laureate , وقد كان موضع سخرية كثيرٍ من الشعراء و الكتاب فقد سخر منه الشاعر ألكسندار بوب Alexander Pope في قصيدة دونسياد Dunciad(1743) – وفي العدد الصادر في يوم الثلاثاء في 29 أبريل (نيسان) من العام 1740 من صحيفة تشامبيون Champion قام هنري فيلدينغ بامتداح شاعر البلاط كولي سيبر بطريقةٍ ساخرة حيث قال عنه :
‘ أحد أعظم الكتاب في عصرنا ” ‘ one of the Greatest Writers of our age” حيث أنه قد أظهر ” بأن لدينا دائماً كتابٌ كبار لا يستطيعون القراءة ”
‘ we have frequently Great Writers that cannot read’
ثم قام فيلدينغ باقتباس جزءٍ من كتابات شاعر البلاط كولي سيبر مليئةٌ بالأخطاء القواعدية و الإملائية و التعبيرية وذلك كدليلٍ على إمكانية أن يصبح الشخص كاتباً كبيراً وهو لا يعرف القراءة أو الكتابة .

□ Abraham so lived his son Isaac : وكذلك أحب إبراهيم ابنه اسحق : إشارة إلى ماورد في الكتاب المقدس في سفر التكوين Genesis 22:1-18 حين يطلب الإله من إبراهيم أن يقوم بالتضحية بابنه اسحق .
□ as old as the flood قديمٌ كقدم الطوفان (طوفان نوح ) : شارة إلى الطوفان The Deluge المذكور في سفر التكوين the Book of Genesis حيث دمر الله الخاطئين ولم يتبقى على ظهر الأرض إلا سلالة نوح Noah .

□ he is not removable : لا يمكن إخراجه : تشير هذه العبارة إلى أن القوانين كانت تمنع إخراج الأشخاص المتزوجين من الأبرشيات .
□ an act of parliament : قانون البرلمان الذي ينظم عمل المحامين الذي صدر في العام 1729 و يشترط أن تتوفر فيهم صفات معينة وهي صفاتٌ غير متوفرة في المحامي سكوت Lawyer Scout محامي الليدي بوبي .
□ Hang or transport المشنقة أو الهجرة : في القرن الثامن عشر كان القضاة يصدرون أحكاماً بالإعدام على كثيرٍ من الجرائم كسرقة الخراف مثلاً و لكن كان يتم تعليق تنفيذ الحكم بالإعدام حيث كان يتم تخيير المحكوم بالإعدام بين تنفيذ الحكم و بين الهجرة إلى أستراليا أو أمريكا .

□ I publish the banns : إشارة إلى ضرورة القيام بإعلان النية عن عقد القران ثلاث مرات قبل إتمام مراسم الزفاف و ذلك حتى يتثنى للمعترضين على هذا الزواج أن يبينوا أوجه اعتراضهم .

□ صياد البشر الكبير the great hunter of men : إشارة إلى (النمرود) Nimrod بوصفه أحد الطغاة المذكورين في الكتاب المقدس biblical tyrant و الذي كان صائد بشر كما ورد في سفر التكوين 10:9 – Genesis 10:9.
□ الأنوف الاصطناعية artificial noses : إشارة إلى مرضٍ فيروسي (الجذام) يؤدي إلى سقوط الأنف من الوجه مما يحيج المصاب إلى ارتداء أنفٍ صناعي .
□that beautiful young lady,the morning : من تشبيهات البطولة المثيرة للسخرية a mock-heroic simile من تلك التي كانت رائجةً في عصر النهضة the Renaissance حيث كان من السائد عند الأدباء تشبيه السيدة عند استيقاظها من النوم بإطلالة الفجر .

□ في أيام الأحد فقط on Sundays only كان القانون الإنكليزي يمنع الاعتقال في أيام الأحد إلا في حالات الجرائم الفاحشة .
■ الحلقات الغربية the western circuit : قضاة كانوا يسافرون لعقد محاكم ميدانية في مواقع الحدث باعتبار أن ذلك يمكن القاضي من معاينة الحقائق على أرض الواقع .
■ تمثال الدهشة statue of surprise : إحدى الأوضاع التي يصور بها ممثلوا المسرح شعورهم بالدهشة حيث يقف الممثل جامداً كالتمثال بعينين مفتوحتين من الدهشة .
■ postillion الحوذي : سائق العربة الذي يجلس خارج العربة ليقود الخيول التي تجرها .
■ peppered : مصاب بمرضٍ فيروسي.
■ Tilloston’s sermons: مواعظ تيلوستون : أحد مطارنة Archbishop كانتربيري وقد كان يدعو إلى العمل الصالح .
ربي لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك .
تم بعونه تعالى
ترجمة : د. عمار شرقية

رأي واحد حول “جوزيف أندروز JOSEPH ANDREWS – هينري فيلدنغ Henry Fielding

plant.kingdom1111@gmail.com

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.